بسم الله الرحمن الرحيم
إن جميع أدعية الفرج تتضمّن دعاء للإمام صاحب الأمر (عجل الله فرجه الشريف)، سواء بالفرج أو بالنصر أو بالحفظ وغير ذلك، وقد نصّت الروايات على ضرورة الدعاء له بالفرج والنصر وغيرها، بل دعت إلى الإكثار منها كما في التوقيع الشريف (وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج، فإن ذلك فرجكم)، وكما هو نص الأدعية الواردة.
والدعاء للإمام فيه تبادل النفع، وقد يُشكَل على عود النفع على المعصوم من قِبل الداعي، بأن المعصوم بلغ غاية العطاء فلا معنى للدعاء له، إلا أن هذا الإشكال مدفوع بأن النفع إنما هو من الله تعالى، والداعي هو واسطة ليس لأصل النفع بل للزيادة فيه، بل لو تأملنا لعلمنا أن هذا النفع إنما هو بسبب (جهاد المعصوم وجهوده)، والقول بأنه بلغ منتهاه، هو موقع الإشكال، فإن عطاء الله غير محدود، والقائل بعدم انتفاع المعصوم بعطاء الله، سيقع في إشكال الحد من قدرة الله والحد في ملكه، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
فشأن الدعاء كشأن نصرة المعصومين وخدمتهم في الدنيا.
ومن جهة ثانية، فإن الداعي لا شك أنه ينتفع انتفاعاً عظيماً بالدعاء للمعصوم، من عدة جهات، منها:
1_ أن الداعي يختار موضعيته من نصرة الإمام وتوليه وخدمته، فنحن نعلم أن الله تعالى ينصر الإمام ويحفظه ولو لم يتبقى من الدينا إلا يوم واحد، لطوّل الله ذلك اليوم لظهر الإمام ويملأها قسطاً وعدلاً، ولكن الداعي يتطلع أن يكون ممن يتشرف بأن يكون من أهل نصرة الإمام.
2_ الدعاء في المفهوم الديني، لا يعني فقط الطلب كما قد يُفهم من اللغة، وإنما هو طلب متضمّن للإقرار، فإن الداعي يدعو بمضامين يراها مهمة ضمن منظومة إيمانه، فإذا قال كما في دعاء الافتتاح: (اللهم اَعِزَّه واَعْزِز به، وانصُرْهُ وانتَصِر به، واْنُصرهُ نَصْراً عَزِيزاً)، فإنه يقر بما يؤمن به، بأن الإمام منصور وأن الله تعالى سينصره، وهو متطلع إلى ذلك اليوم.
3_ الدعاء بالنسبة للمؤمن، لا ينحصر في كونه طلباً لقضاء حاجة، إنما نفعه يتصل بالآخرة، لأنه عبادة من العبادات، كما قال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}، فالمؤمن يحتاج إلى ربه ولابد له أن يقر بتلك الحاجة، وحتى لو لم يُستجب له الدعاء لأي لحكمة ما، فإن ثوابه مدّخر له في الآخرة.
فهو يثاب على دعائه لنفسه، وهو مثاب أكثر بدعائه لغيره، أما دعائه لإمامه فمثوبته أعظم وأعظم.
4_ إن للدعاء للإمام الحجة المنتظر (عج) بالفرج والحفظ وغيرها، له فائدة من أعظم الفوائد في الدنيا، وهي حفظ الإيمان والعقيدة، فيثبته الله تعالى على إيمانه بإمامه ولا ينحرف عنه إلى الأدعياء وأهل الزيغ، وقد ورد عن الإمام العسكري (ع): (والله ليغيبن غيبة لا ينجو فيها من الهلكة إلا من ثبته الله عز وجل على القول بإمامته ووفقه للدعاء بتعجيل فرجه)..
وهناك الكثير الفوائد يمكن أن تظهر للمتأمل في مضامين الأدعية والروايات الشريفة، نكتفي بذلك، ونسأل الله تعالى أن يعجّل فرج مولانا الحجة بن الحسن المهدي أرواحنا له الفداء.
السيد محمود الموسوي
مقالات ذات صلة:
أحدث المقالات - من جميع الأقسام:
- ما حقيقة رأي الشيخ الصدوق في الشهادة الثالثة وسهو النبي؟ - 2024/05/30
- إشكال في خمس الأجير والموظف - 2024/05/28
- ما تقولون في الخواجة ربيع، والخواجة مراد، وأبي الصلت الهروي؟ - 2024/05/28
- هل يُكره الإقامة في كربلاء أكثر من ثلاثة أيام؟ - 2023/08/23
- هل أن دعاء التوسل بالسيدة فاطمة والسر المستودع فيها، وارد عن أهل البيت؟ - 2022/09/13
مقالات متفرقة:
المقالات الأكثر قراءة:
- ما معنى جوامع الكلم؟ - 2010/09/20 - قرأ 49029 مرُة
- معجم المؤلفين البحرينيين يترجم للسيد الموسوي - 2015/05/28 - قرأ 35949 مرُة
- هل في المرض أجر؟ وما صحة قولنا للمريض: أجر وعافية؟ - 2015/05/20 - قرأ 33874 مرُة
- لماذا نسجد على التربة الحسينية؟ - 2010/08/10 - قرأ 32124 مرُة
- مالذي يقصده الإمام الحسين من قوله: (لم أخرج أشراً ولا بطراً..) وهل لها انعكاس على الواقع الشخصي؟ - 2016/10/08 - قرأ 28589 مرُة
- بحث فقهي معاصر في حق الزوجة في المعاشرة - 2011/03/30 - قرأ 20507 مرُة
- ماهو واجبنا تجاه الامام المنتظر والاستعداد للظهور؟ - 2010/08/30 - قرأ 20036 مرُة
- السيرة الذاتية - 2010/08/08 - قرأ 19918 مرُة
- ماذا تقولون في كلمة الإمام الحسين عليه السلام: خط الموت على ولد آدم.. - 2016/10/08 - قرأ 19851 مرُة
- سورة الفيل وقريش - 2010/08/11 - قرأ 15918 مرُة