غريبي مراد: تقاسمت مع السيد محمود الموسوي متعة القرآءة والكتابة منذ عشر سنوات

1(6)نشر موقع إيلاف وصحيفة الشرق الأوسط مقالاً للكاتب والباحث الجزائري غريبي مراد، يقرأ فيه كتاب (تجارب الكتاب من القراءة إلى الكتابة) لحسن آل حمادة، والذي يحتوي على تجارب مجموعة من الكتاب العرب، منهم السيد محمود الموسوي.
.


وهذا نصه:

أنا أقرأ... إذاً... أنا موجود؟! إطلالة على "تجارب الكُتَّاب" لآل حمادة

GMT 15:20:00 2010 الأربعاء 23 يونيو

أ / غريبي مراد:

هل يمكنك أن تكتب دون أن تقرأ؟ وما الفائدة أن تقرأ ولا تكتب؟ وكيف للقراءة والكتابة أن تجعل الإنسان ينطلق في مشوار النجاح؟ وهل كل من يقرأ يكتب؟ أسئلة مثيرة ومشاعر ملتهبة وأفكار صاخبة، في واقع الأمر يجب أن تنطلق قصة "تجارب الكُتَّاب: من القراءة إلى الكتابة"، من "كان يا ما كان..."، هذه التجارب التي التقت بين دفتي الإصدار المميز لأخي العزيز حسن آل حمادة، تبدو فعلاً أشبه برواية من الأدب الوجودي إن صح التعبير، لكنها تبقى سير واقعية، ترجمت نهج النجاح بفكرة القراءة ثم الكتابة.
على كل حال الحديث عن هذا الكتاب أو تحرير قراءة عابرة لتفاصيله قد تشوه بعض ملامحه وتموه شيئاً من وروده الإنسانية، والشيء بالشيء يذكر حيث يقول الأديب الفرنسي جيل رونار: "كلما تذكرت أن هناك كتاباً لم أقرأه شعرت بسعادة غامرة لا توصف"، لا أحبذ أن أسرد ما تزينت به صفحات الكتاب، فغالبية الكتاب أصدقاء وأحبة من السعودية والبحرين والمغرب الأقصى ومصر ولبنان والكويت والعراق، وكان للكثير منهم فضل كبير علي في القراءة والكتابة.
فمع نهاية القرن الماضي كنت طالباً بالجامعة وبنفس الوقت شاب كاتب بالصحف المحلية في صفحات الفكر والثقافة والدين والاجتماع، طبعاً وشيء من بهارات السياسة التي لا نكاد ننفك عنها، وأول من تقاسمت معه متعة القراءة والكتابة هما عزيزين على روحي: أخي السيد محمود الموسوي وأخي الأستاذ حسن آل حمادة، هما شخصين جمعني معهما الفكر والثقافة والدين والقراءة والكتابة منذ أكثر من عشر سنوات، فأولى مقالاتي بالشبكة العنكبوتية نزلت بموقع (قطيفيات) -برئاسة حسن آل حمادة- وموقع السيد محمود الموسوي، وكنت دائم التواصل معهما، دون ان أنسى غيرهم من العلماء والمفكرين والمثقفين والمؤسسات الثقافية والإعلامية عبر العالم ككل.
ما أود التعبير عنه، إنه مهما قرأ الإنسان وكتب، فإنه يجد نفسه كادح إلى ربه كدحاً فملاقيه، هذه الحقيقة وجدتها عند كل المشاركين بالإصدار، لأنه سواء تعلق الأمر بالقراءة أو الكتابة على مر التاريخ هناك كتاب وقرّاء، نال كل من تفكير وإبداع الآخر، وهكذا الأمر سيستمر على هذه الحال، ولكن بالتأكيد ليست هذه هي القاعدة، لأن امتنا بحاجة للقارئ والكاتب المتخصصين، كما ستحتاج إلى كاتب تتجاوز تطلعاته مجال النشاط وميزته إنتاج الفكر الشمولي الحاضن للإستراتيجية الثقافية الخاصة بمشروع النهضة والإصلاح والتنمية.
هذا الإصدار وصلني يوم 31 مايو الماضي على الساعة الحادية عشرة صباحاً، فرحت جداً بالطرد البريدي لأنه من أخي العزيز الأستاذ حسن آل حمادة، فتحت الكتاب وبدأت أطالعه، ولم أتوقف إلا لما نوديت للغذاء، حيث كنت متبحراً في أعماق الكتاب، هذا الكتاب الذي حدثني عنه صاحبه وقرأت بطاقته بالشبكات الثقافية في النت، وبقيت مشتاقاً للاطلاع على مضمونه... المهم رجعت للمطالعة وبدأت أنتقل من صفحة إلى أخرى وألتقي أناس أكّن لهم كل الحب والتقدير، منهم من التقيته مؤخراً أو من قبل وآخرين لا زلنا نتواصل عبر النت أو الهاتف أو من خلال المقالات حيث نقرأ لبعضهم. لقد وجدت الكتاب بمثابة سياحة في متحف الثقافة، كنوزه ومحتوياته كانت مخزنة في باطن شخوصها تحت أرض أفكارها، وهاهي اليوم تطفو على مياه التشاور والتعاون الفكري والثقافي، حيث التعاون هو الشيء التقليدي المتجدد في ثقافتنا العربية والإسلامية لكنه الغائب الحاضر في يومياتنا من الثقافة إلى السياسة و الاجتماع إلا الاقتصاد ببرجماتية معينة...!
هذا الإصدار "تجارب الكتاب: من القراءة إلى الكتابة"، تتحدد أهميته أنه إبداع ثقافي مصقول بثقافة التواصل والتعاون والتشاور، حيث كل من شارك فيه يزداد إعجابي بهم واحداً واحداً دون مجاملة بما يحققوه من إنتاج وإنسانية، حيث ابتدأ المستقبل في عقولهم وتشابكت الأفكار في أوراق كتبهم، لتصل إلى الناس في شكل حريرات إنسانية تحارب مرض النسيان ويكتشف القارئ الحدث من خلال الكتاب، لأن الفكر الذي يكسر سلاسل الظلم والطغيان والجبر والبهتان، صحيح صوته خافت لكنه يثير النباهة ويطرد الشرود... هذا الإصدار إبداعه يتحدد في كونه جمع بين المثالية والواقعية والمعنى والمبنى والتجربة والتجريد، فكان تجربة تعاون ترشيدية جادة ترجمت إدراكاً متعدد الوجوه عن القراءة والكتابة...
هذا الكتاب بتجاربه الحية والثائرة على الجهل والتقليد وكل المباني المعطلة للحرية والإبداع، لا يمكن أن يعفي قارئه من مسؤوليته عن النقد الذاتي، وكما يعبر الأديب البلغاري إيليا ترويانوف: "إن المرء الذي يرى الهوية مشروعاً متطوراً، لا يجوز أن يرى الفوارق هي الأساس وإنما مواطن الاتفاق والالتقاء في رحاب التعارف والتواصل بين القلوب والتشاور بين العقول"، و بالتالي لا يمكن لأحد أن يبرر هجرانه للقراءة والقلم بعدم القدرة والخصوصية الذاتية، يعني إلى حد ما: "أنا أقرأ إذاً أنا موجود"!؟
وهكذا ندرك أن كل قارئ يستخلص ويرسم صورة معينة حول هذه التجارب، إما تزيده تألقاً إن كان قارئاً أو تثيره إن كان تائها في القراءة لينطلق نحو قراءة منتجة وخلاّقة وصدق حكيم الإسلام (ع): "من شاور الرجال شاركهم في عقولهم"..
بصراحة هذا الكتاب يعد من الكتب الجذّابة لأنه يتوفر على خام فكري ثقافي مهم، يغني القارئ بمنهج ذو اختصاصات متداخلة... ويبقى الرقي في رحاب: اقرأ بسم ربك الذي خلق... و الله من وراء القصد.
ــــــــــــــــــــــ
(*)كاتب وباحث إسلامي من الجزائر

رابط المقال http://www.elaph.com/Web/Culture/2010/6/572895.html

 

من مؤلفاتنا