الكورونا والدرس الأبلغ

korona
1- كل حوادث الكون، سيئها وجيدها، هي رسل الله إلى العقل، وبها ذكّر الوحي، وهي تقود إلى معرفة الله والإيمان به، فقاعدة:
(سنريهم آياتنا في الآفاق وفي انفسهم حتى يتبيّن لهم أنه الحق)، مستمرة مازال في الناس نَفَس، ومازال على العقل ركام.
2- من الحوادث ماهو من صنع مباشر للبشر، ومنها ما ظاهرها خلاف ذلك، فبعد أن كان سبب الانهيار المالي في 2008 نظرية البجعة السوداء بفعل بشري، هاهي نظرية البجعة الخضراء تدق نواقيس خطر أزمة مالية عالمية جديدة، بفعل التغيّر المناخي، وفيما يبدو لنا انها خارجة عن إرادة البشر.  
3- كل ذلك ظاهره خارج الإرادة البشرية، لكنه متصل بها بنحو من الأنحاء، وهو اتصال السبب بالنتيجة،  ولكن الإتصال بينهما خارج حسابات المنطق المادي فيما يفهمونه من قوانين المنطق والفلسفة والفيزياء.
وهي في حسابات الله أنواع، يجمعها قوله تعالى:
(ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا تُرجعون).
4- حدث فايروس كورونا، سواء طويت مرحلته سريعاً أم تمدّدت، لابد أن نعتبره من رسل الله إلى العقول، لعلها ترجع لبارئها وتنفض عنها شوائب الإلحاد ويتخلى الإنسان عن تعاليه بما وصل إليه من تقدّم مادي، على الخالق العليم.
5- لنلتفت يميناً وشمالاً، ونقرأ ما أحدثه كورونا الكائن الخفي، سنرى ضعف الأبدان وضعف التدبيرات تجاهه، فهذا الإنسان المسكين المتصاغر أمام عظمة الرب، ينسى أنه (مكنون العِلل..تؤلمه البقّة، وتقتله الشرقة، وتُنتنه العرقة).
6- بسبب كورونا قد استنزفت اموالاً من الصعب عدّها، فكافة القطاعات تأثرت بشكل أو بآخر، فالصين وحدها استغنت عن شراء 20% من النفط، ما يعادل حاجات بريطانيا وإيطاليا مجتمعتين، واضف لها توقف حركة الطيران وتراجع المواصلات، ما يعني أن سوق النفط في انحدار مخيف.
7- وأدر النظر على قطاعات الصناعة وتوقف المصانع كلياً او جزئياً، مما كبد شركات كبرى في مجال تصنيع الاجهزة خسائر غير مسبوقة، ثم ارمق ببصرك مصروفات الدول للوقاية والعلاج وما يتبعه من توقف في بعض الأعمال والإدارات، فنحن أمام استنزاف سيل من المليارات.
8- إن كانت المادة هي القيمة الأساس، وإن كان الإلحاد موئل العقول، فها هي المادة تذروها الرياح وهذا العجز مطبق على البشر، ولو كان ذلك مؤقتاً، لأنها رسالة، ومن شأن الرسائل الإيجاز، ومن شأن الرسل البلاغ المبين. فابحث عن الله ذي القوة المتين.
9- لنتذكر أمام هذا المشهد وكل مشهد كوني يمر علينا، قول الله تعالى: (يا أيها الناس ضُرب مثلٌ فاستمعوا له، إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له، وإن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه، ضعف الطالب والمطلوب).
10- وإن كان الإيمان بالله قيمتنا الكبرى، فلا تزيدنا الحوادث إلا إيماناً وإياباً إلى الله، بالصبر ليوفينا أجور الصابرين، وبالعلم لنتخطى التحديات فيوفينا أجور المحسنين، ألا ترى أن من لا يضع الله في حساباته فهو وإن أنجز ففي تيه تقلبه الحوادث.
11- سينجح الإنسان بإذن الله وتوفيقه في الوصول إلى علاج ل كورونا، ولكن البعض سيخرج من التجربة بخسائر في كل جهة، وبعض سيخرج رابحاً في كل جهة، رابحاً في انتباهة العقل وفي زيادة الإيمان وفي تخطي البلاء وفي رفع الدرجات..
12- ثم إن الحوادث في رسائلها الاجتماعية لا تقل عن رسائلها في عموم الإيمان، فهل يحضر التعاون أم يغيب، وايننا من الإنصاف والتعاطف، وهل أخذنا تيار الهلع والجشع أم لا.. كل ذلك بعين الله تعالى. 
السيد محمود الموسوي
www.mosawy.com
تويتر
@mmosawy

من مؤلفاتنا