بسم الله الرحمن الرحيم

جاءت العبارة في سياق يقدّم فيه الداعي نعم الله عليه، فيسأل الله بها أن يصلي على محمد وآل محمد ويقضي حوائجه..

فمن نعمه تعالى على خلقه أن برأهم وعدل فطرتهم.

فبرأتني: أي خلقتني، كما في قول الله تعالى: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ).

وأن الله هو البارئ أي الخالق لا عن صورة ومثال، قال تعالى: (هُوَ اللهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى).

فعدلْت: معناه من الإعتدال وهي التسوية، حيث أن الله خلق الخلق بصورة مستوية لا ناقصة ولا زائدة، وجعل كل عضو من أعضائه في مكانه المناسب، كما قال عز وجل: (ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى).

فطرتي: في قوله فعدلت فطرتي، أي جلعت فطرتي معتدلة مستوية، ومعنى الفطرة، إما أن يكون:

1/ بمعنى أول الشيء، وهو هنا أول الوجود الزماني للإنسان، فهو مستو الخلقة في أول وبدء خلقه دون عيب، فشكّل أعضائه وجعلها متناسقة في دقة متناهية.

2/ وإما أن يكون معنى الفطرة هو الدين، كما قال تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا). فيكون المعنى   هو التوسل بخلق الله تعالى للإنسان والإنعام عليه بالدين القيّم الحنيف (دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا)، فقد منّ الله على الإنسان بالدين السوي واصطفى له الشرائع المتكاملة والعقائد الحقة.

إن المعنى الثاني هام ومتحقق، إلا أننا نرى أن المعنى الأول هو المراد ظاهراً، لأنه ذكر الفطرة ونسبها للإنسان، والمعنى الثاني يأتي منسوباً لله تعالى: أي فطرة الله. كما أن سياق الدعاء يعزز المعنى الأول حيث مناسبة الكلام في الخلق واستوائه، فقد جاء في الدعاء (رب بما برأتني فعدلت فطرتي. رب بما أنشأتني فأحسنت صورتي).

محمود الموسوي

www.mosawy.com

من مؤلفاتنا