الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة السلام على النبي محمد وآله الطاهرين.

المعنى من افتقار الإنسان للحكيم الذي يرشده واضح بيّن، إذ أن التصرف الحكيم هو المطلوب، والحكمة بشكل عام هي وضع الشيء موضعه، فالمرء يحتاج إلى استشارة الحكيم في إدارة شؤونه.

ويبدو أن الهلاك بمعنى عدم التوفيق للصواب.

وفي المقابل، بينت الرواية ضرورة أن يكون للإنسان سفيه يكون عضداً ومعيناً له، وإلا فإن الذل هو موئله.

ولا شك أن العلاقة مع الحكيم أمر مسلّم به، إلا أن العلاقة مع السفيه إلى درجة أن وجوده يصبح ضرورة، هذا مثار التساؤل.

ولأن كلمات أهل البيت (ع) هي عدل القرآن، وأيضاً كلماتهم تصدّق بعضها بعضاً، فلابد من البحث عن معنى يتوافق مع بقية الروايات التي ذمّت السفيه الذي هو ضد الحكيم وهو الذي لا يتصرّف مع الأمور بشكل صحيح فيترف ويخسر ما عنده، ومعنى يتوافق مع سائر محكمات الدين.

فيمكن أن يجاب عن ذلك، بأن المعنى هو ذَلّ من ليس له أحد يعضده ولو كان ذلك سفيهاً..

ويمكن أن يكون المعنى أنه من العزة أن يستثمر المؤمن وجود السفهاء ليكونوا (عضداً) له، و لا يتجاهلهم، كما فعل بعض الأئمة من اسثمار بعض الموالين غير المتدينين في تمويل العمل الإسلامي.

ويمكن أن يكون المعنى أنه في مقابل التصرف الحكيم الذي يحتاجه المرء، فإنه بحاجة في بعض الأحيان إلى تصرف السفهاء، مثل التكبّر على المتكبّر وما شابه ذلك، مما أجازه الشرع في مواضعه المحدّدة.

ويمكن أن يكون المقصود هو أن الإنسان بحاجة إلى أتباع ومريدين يثقون به وبعلمه، لأن السفيه له معاني وآفاق بحسب السياقات، ومن معانيه أنه من يستطيع على من دونه ويخضع لمن فوقه، ومنها أنه الذي ألف التقليد وأعرض عن النظر، وأصل السفاهة الخفّة والحركة، فيكون القصد أنه ذل من ليس له من يطيعه ويندفع لتطبيق ما يطلب منه ليعضده، كما جاء في قول أمير المؤمنين (ع): (لَا رَأْيَ‏ لِمَنْ‏ لَا يُطَاع‏).

ولعل هذا المعنى هو الأقرب إلى الصواب، لأنه يتوافق مع المعنى اللغوي للسفيه، ويتناسب مع صدر الحديث، ويتفق مع ثوابت الدين.

والله العالم.

السيد محمود الموسوي

من مؤلفاتنا