مزار الإمام زين العابدين (عليه السلام)

مزار الإمام زين العابدين (عليه السلام)

السيد محمود الموسويbaqeea

لقد وُلد الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) في المدينة المنورة في الخامس من شعبان من سنة 38 من الهجرة، على المشهور، وقد استشهد في سنة 94 من الهجرة في الخامس والعشرين من محرم الحرام على المشهور، وقد دُفن في مقبرة البقيع الغرقد، وقبره كان معلماً واضحاً للمسلمين، ثم بُني عليه مسجد إلى أن هُدم المسجد والقبّة فبقي أثره دون بنائه.

وزيارته كزيارة سائر المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين، لها من الفضل ما لا يٌعد ولا يُحصى، وتكتسب عظمتها من عظمة الولاية التي هي أسّ الإسلام وسنامه، لأن زيارته في مماته كزيارته في حياته، ولأنها تجديد عهد مع ولاة الأمر وهداة البشر، وهي شعيرة مقدّسة لإحياء للدين وحدوده، وبناء المؤمن ومجتمعه، وهي مع كل ذلك محال رحمة الله ومنبع أرزاقه لعباده في دنياهم، وذخيرة لهم في آخرتهم.

فيطيب لنا أن نفرد مزاراً للإمام الرابع من أئمة المؤمنين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، وسيد الساجدين وزين العابدين، ليكون المزار ماثلاً أمام المؤمنين، ليسهل عليهم زيارته سلام الله عليه.

فضل زيارة الإمام زين العابدين (ع)

1 – قبره الشريف بقعة من بقاع الجنّة، وتتجلّى عظمة عمارة قبره وتعاهده بالتعظيم والزيارة تقرباً من الله في وصول المؤمن إلى الاختصاص بشفاعة النبي (صلى الله عليهم وآله)، ولزائريه من النعيم من لا عين رأت ولا أذن سمعت.

ورد عن التهذيب: عَنْ أَبِي عَامِرٍ السَّاجِيِّ وَاعِظِ أَهْلِ الْحِجَازِ قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ (ع) فَقُلْتُ لَهُ.. إلى أن قال عن الإمام علي (ع): قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لِمَنْ زَارَ قُبُورَنَا وَعَمَرَهَا وَتَعَاهَدَهَا؟ فَقَالَ لِي: يَا أَبَا الْحَسَنِ، إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ قَبْرَكَ وَقَبْرَ وُلْدِكَ بِقَاعاً مِنْ بِقَاعِ الْجَنَّةِ وَعَرْصَةً مِنْ عَرَصَاتِهَا، وَإِنَّ اللَّهَ جَعَلَ قُلُوبَ نُجَبَاءَ مِنْ خَلْقِهِ وَصَفْوَتِهِ مِنْ عِبَادِهِ، تَحِنُّ إِلَيْكُمْ وَتَحْتَمِلُ الْمَذَلَّةَ وَالْأَذَى فِيكُمْ، فَيَعْمُرُونَ قُبُورَكُمْ وَيُكْثِرُونَ زِيَارَتَهَا تَقَرُّباً مِنْهُمْ إِلَى اللَّهِ مَوَدَّةً مِنْهُمْ لِرَسُولِهِ. أُولَئِكَ يَا عَلِيُّ الْمَخْصُوصُونَ بِشَفَاعَتِي وَالْوَارِدُونَ حَوْضِي وَهُمْ زُوَّارِي غَداً فِي الْجَنَّةِ. يَا عَلِيُّ، مَنْ عَمَرَ قُبُورَكُمْ وَتَعَاهَدَهَا فَكَأَنَّمَا أَعَانَ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ عَلَى بِنَاءِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَمَنْ‏ زَارَ قُبُورَكُمْ‏ عَدْلُ ذَلِكَ لَهُ ثَوَابُ سَبْعِينَ حَجَّةً بَعْدَ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَخَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ حَتَّى يَرْجِعَ مِنْ زِيَارَتِكُمْ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ، فَأَبْشِرْ وَبَشِّرْ أَوْلِيَاءَكَ وَمُحِبِّيكَ مِنَ النَّعِيمِ وَ قُرَّةِ الْعَيْنِ بِمَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ.. ج6،ص22

2 – في زيارته شفاء من كل داء مما يُستشفى من تربته الشريفة.

ورد في كامل الزيارات: عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع) قَالَ: كُنْتُ بِمَكَّةَ وَذَكَرَ فِي حَدِيثِهِ، قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّي رَأَيْتُ أَصْحَابَنَا يَأْخُذُونَ مِنْ طِينِ الْحَائِرِ لَيَسْتَشْفُونَ [يَسْتَشْفُون‏] بِهِ، هَلْ فِي ذَلِكَ شَيْ‏ءٌ مِمَّا يَقُولُونَ مِنَ الشِّفَاءِ؟ قَالَ قَالَ: يُسْتَشْفَى‏ بِمَا بَيْنَهُ‏ وَبَيْنَ الْقَبْرِ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ، وَكَذَلِكَ قَبْرُ جَدِّي رَسُولِ اللَّهِ (ص)‏ وَكَذَلِكَ طِينُ قَبْرِ الْحَسَنِ وَعَلِيٍّ وَمُحَمَّدٍ، فَخُذْ مِنْهَا فَإِنَّهَا شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ سُقْمٍ، وَجُنَّةٌ مِمَّا تَخَافُ، وَلَا يَعْدِلُهَا شَيْ‏ءٌ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يُسْتَشْفَى بِهَا إِلَّا الدُّعَاء.. ص281

3 – ترك زيارته عند الحجّ جفاء، وفي زيارته عوائد الأرزاق.

في الخصال عن أمير المؤمنين (عليه السلام): أَتِمُّوا بِرَسُولِ اللَّهِ‏ (ص) حَجَّكُمْ إِذَا خَرَجْتُمْ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ، فَإِنَ‏ تَرْكَهُ‏ جَفَاءٌ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُمْ وَأَتِمُّوا بِالْقُبُورِ الَّتِي أَلْزَمَكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَقَّهَا وَزِيَارَتَهَا وَاطْلُبُوا الرِّزْقَ عِنْدَهَا. ج2، ص616

4 – زيارته تمام للحج

فقد ورد عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (ع) قَالَ: إِذَا حَجَّ أَحَدُكُمْ فَلْيَخْتِمْ‏ حَجَّهُ‏ بِزِيَارَتِنَا، لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَمَامِ الْحَجِّ. (عيون أخبار الرضا، ج2، ص262).

5 – زيارة الإمام زين العابدين (ع) كزيارة رسول الله (ص)

ففي الكافي: َ عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع مَا لِمَنْ زَارَ أَحَداً مِنْكُمْ قَالَ كَمَنْ‏ زَارَ رَسُولَ‏ اللَّهِ‏ ص. ج4، ص579

6 – من زياره كمن زار الحسين (ع)

لقد ورد في ثواب الأعمال: قَالَ الصَّادِقُ (عليه السلام) مَنْ زَارَ وَاحِداً مِنَّا، كَانَ كَمَنْ‏ زَارَ الْحُسَيْنَ‏ (عليه السلام). ص98

7 – زيارته كزيارة سائر الأئمة

ورد في كامل الزيارات عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الْكَاظِمِ (عليه السلام)‏ فَقُلْتُ لَهُ: أَيُّمَا أَفْضَلُ زِيَارَةُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ أَوْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) أَوْ لِفُلَانٍ [فُلَانٍ‏] وَفُلَانٍ وَسَمَّيْتُ الْأَئِمَّةَ وَاحِداً وَاحِداً، فَقَالَ لِي: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ مَنْ زَارَ أَوَّلَنَا فَقَدْ زَارَ آخِرَنَا، وَمَنْ زَارَ آخِرَنَا فَقَدْ زَارَ أَوَّلَنَا، وَمَنْ تَوَلَّى أَوَّلَنَا فَقَدْ تَوَلَّى آخِرَنَا، وَمَنْ تَوَلَّى آخِرَنَا فَقَدْ تَوَلَّنَا [تَوَلَّى‏] أَوَّلَنَا.. ص336

في أوقات زيارته

إن زيارة الإمام علي بن الحسين (سلام الله عليه) مستحبة في كل وقت، إلا أن هناك بعض الخصوصيات للأيام الشريفة التي يتأكد فيها زيارته سلام الله عليه، ومنها:

1 - يوم الثلاثاء من كل أسبوع

لقد ذكر السيد بن طاووس في جمال الأسبوع أنه يُستحب زيارة الإمام زين العابدين وكذا الإمامين محمد بن علي الباقر وجعفر بن محمد الصادق (سلام الله عليهم) في يوم الثلاثاء من كل أسبوع، معتمداً في ذلك على رواية تخصيص الأيام بأهل البيت (عليهم السلام) التي رواها الشيخ الصدوق في الخصال عن الإمام علي الهادي (عليه السلام) في حديث، حيث قال:

الْأَيَّامُ‏ نَحْنُ،‏ مَا قَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، فَالسَّبْتُ اسْمُ رَسُولِ اللَّهِ (ص) وَالْأَحَدُ كِنَايَةٌ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) وَالْإِثْنَيْنِ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَالثَّلَاثَاءُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَالْأَرْبِعَاءُ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُوسَى وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَنَا وَالْخَمِيسُ ابْنِيَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ وَالْجُمُعَةُ ابْنُ ابْنِي وَإِلَيْهِ تَجْتَمِعُ عِصَابَةُ الْحَقِّ وَهُوَ الَّذِي يَمْلَؤُهَا قِسْطاً وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً، فَهَذَا مَعْنَى الْأَيَّامِ، فَلَا تُعَادُوهُمْ فِي الدُّنْيَا فَيُعَادُوكُمْ فِي الْآخِرَة.. ج2، ص395

2 – في كل الأوقات الشريفة كالجمعة والقدر والعيد، والأيام المختصة به، كيوم ولادته وشهادته وما ظهر من كرامات على يديه.

لقد ذكر ذلك العلامة المجلسي في بحار الأنوار، حيث قال: "زيارتهم (عليهم السلام) في الأوقات الشريفة والأيام‏ المتبركة والأزمان المختصة بهم أولى وأنسب‏.. إلى أن قال: ويوم ولادة سيد الساجدين (ع) وهو خامس شعبان أو تاسعه أو النصف من جمادى الآخرة أو النصف من جمادى الأولى وهو قول المفيد والشيخ رحمهما الله، وقيل نصف رجب، ويوم وفاته وهو الخامس والعشرون من المحرم أو الثاني عشر منه أو الثامن عشر، ويوم خلافته وهو يوم شهادة أبيه صلوات الله عليهما. بحار الأنوار، 97، ص210

ويمكن الإستدلال لذلك بأن الأيام الشريفة يتضاعف فيها الأجر والثواب للأعمال الحسنة، والزيارة من أفضل الأعمال وأجلّها، وبما ثبت في الرواية من تحرّي الأيام الشريفة في زيارتهم سلام الله عليهم، ويشمله الأيام المختصة به، ويُزاد على ذلك الاستدلال بعموم التذكير بأيام الله في كتاب الله، ولا شك أن منها كل ما يُعرف عن الإمام المعصوم من كرامة وفضل فيه، ومما يُذكر به زيارته وتجديد العهد معه بها.

3 - زيارته في ذي الحجة بعد الحج بل بعد كل عمرة.

فقد ورد عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (ع) قَالَ: إِذَا حَجَّ أَحَدُكُمْ فَلْيَخْتِمْ‏ حَجَّهُ‏ بِزِيَارَتِنَا، لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَمَامِ الْحَجِّ. (عيون أخبار الرضا، ج2، ص262).

ولعله بعد كل زيارة لمكة المكرمة، أي بعد العمرة كذلك، ويشمله ما في الكافي عَنْ سَدِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) قَالَ: ابْدَءُوا بِمَكَّةَ وَاخْتِمُوا بِنَا. ج4، ص550

كيفية زيارة الإمام زين العابدين (ع)

1 – زيارته بالزيارات الحرّة، وهي التي ينشؤها الزائر من خلال معرفته بإمامه، ويسلّم عليه بمحاسن السلام ويشهد له بما يليق به من فضل، ويتعهّد عنده بما يجب عليه التعهّد به عنده، ويتوسّل به إلى الله تعالى في قضاء حوائجه، ويتولّى أولياءه ويتبرأ من قتلته ومن ظلمه.

فقد ورد في كامل الزيارات: ِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ: تَقُولُ عِنْدَ قَبْرِ عَلِيِ‏ بْنِ‏ الْحُسَيْنِ‏ مَا أَحْبَبْتَ. ص55

2 – زيارته بالزيارات المطلقة والجامعة التي يُزار بها جميع أهل البيت (عليهم السلام)، كالزيارة الجامعة الكبيرة والصغيرة، وزيارة أئمة المؤمنين.

3 – زيارته بزيارة أمين الله، التي ورد أنه يُزار بها في المشاهد كلها.

4 – زيارته بالزيارات المشتركة لأئمة البقيع، والتي سوف نذكرها في ختام المزار.

5 – زياراته الخاصة به، ولم يرد عن الأئمة سلام الله عليهم زيارة خاصة بالإمام زين العابدين (عليه السلام)، أو لم نر نصّاً في ذلك، فيمكن إنشاء زيارة خاصة به كما فعل السيد بن طاووس في زيارته يوم الثلاثاء، وقد ذكر العلامة المجلسي في بحاره زيارة عن كتاب العتيق الغروي لم تُنسب إلى إمام.

نصوص الزيارات

الزيارة الأولى: زيارة أوردها العلامة المجلسي في البحار لسائر الأئمة عن كتاب العتيق الغروي لم تُنسب لإمام، ونص زيارة الإمام زين العابدين كالتالي:

السَّلَامُ عَلَى زَيْنِ الْعَابِدِينَ وَقُرَّةِ عَيْنِ‏ النَّاظِرِينَ‏ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، الْإِمَامِ الْمَرْضِيِّ وَابْنِ الْأَئِمَّةِ الْمَرْضِيِّينَ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا سَيِّدِي وَمَوْلَايَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى إِمَامِ الْعَدْلِ الْأَمِينِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ إِمَامِ الْمُتَّقِينَ وَوَلِيِّ الْمُؤْمِنِينَ وَوَصِيِّ الْوَصِيِّينَ وَخَازِنِ وَصَايَا الْمُرْسَلِينَ وَوَارِثِ عِلْمِ النَّبِيِّينَ وَحُجَّةِ اللَّهِ الْعُلْيَا وَمَثَلِ اللَّهِ الْأَعْلَى وَكَلِمَتِهِ الْوُثْقَى.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَاخْصُصْهُ بَيْنَ أَوْلِيَائِكَ مِنْ شَرَائِفِ صَلَوَاتِكَ وَكَرَائِمِ تَحِيَّاتِكَ، فَقَدْ نَاصَحَ فِي عِبَادِكَ، وَنَصَحَ فِي عِبَادَتِكَ، وَنَصَحَ فِي طَاعَتِكَ، وَسَارَعَ فِي رِضْوَانِكَ، وَانْتَصَبَ لِأَعْدَائِكَ، وَبَشَّرَ أَوْلِيَاءَكَ بِالْعَظِيمِ مِنْ جَزَائِكَ، وَعَبَدَكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ، وَأَطَاعَكَ حَقَّ طَاعَتِكَ، وَقَضَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي دَوْلَتِهِ حَتَّى انْقَضَتْ دَوْلَتُهُ وَفَنِيَتْ مُدَّتُهُ وَأَزِفَتْ مَنِيَّتُهُ، وَكَانَ رَءُوفاً بِشِيعَتِهِ، رَحِيماً بِرَعِيَّتِهِ، مَفْزَعاً لِأَهْلِ الْهُدَى، وَمُنْقِذاً لَهُمْ مِنْ جَمِيعِ الرَّدَى، وَدَلِيلًا لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ عَلَى الْحَلَالِ وَ الْحَرَامِ، وَعِمَادَ الدِّينِ، وَمَنَارَ الْمُسْلِمِينَ، وَحُجَّةَ اللَّهِ عَلَى الْعَالَمِينَ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَأَبْلِغْهُ مِنَّا التَّحِيَّةَ وَارْدُدْ عَلَيْنَا مِنْهُ التَّحِيَّةَ وَالسَّلَامَ، وَالسَّلَامُ عَلَيْهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. (ج99، ص223)

الزيارة الثانية: لقد ذكر السيد بن طاوورس في جمال الأسبوع زيارة زيارة بها يوم الثلاثاء، وهي المشتركة بين الإمام زين العابدين والإمامين الباقر ووالصادق (عليهم السلام)، وهي كالتالي:

السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا خُزَّانَ عِلْمِ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا تَرَاجِمَةَ وَحْيِ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَئِمَّةَ الْهُدَى السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَعْلَامَ التُّقَى السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَوْلَادَ رَسُولِ اللَّهِ، أَنَا عَارِفٌ بِحَقِّكُمْ، مُسْتَبْصِرٌ بِشَأْنِكُمْ‏، مُعَادٍ لِأَعْدَائِكُمْ، مُوَالٍ لِأَوْلِيَائِكُمْ.

بِأَبِي أَنْتُمْ وَأُمِّي صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَوَالَى آخِرَهُمْ كَمَا تَوَالَيْتُ أَوَّلَهُمْ، وَأَبْرَأُ مِنْ كُلِّ وَلِيجَةٍ دُونَهُمْ، وَأَكْفُرُ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ يَا مَوَالِيَّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.

السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا سَيِّدَ الْعَابِدِينَ وَسُلَالَةَ الْوَصِيِّينَ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا بَاقِرَ عِلْمِ النَّبِيِّينَ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا صَادِقاً مُصَدَّقاً فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، يَا مَوَالِيَّ هَذَا يَوْمُكُمْ وَهُوَ يَوْمُ الثَّلَاثَاءِ وَأَنَا فِيهِ ضَيْفٌ لَكُمْ وَمُسْتَجِيرٌ بِكُمْ، فَأَضِيفُونِي وَأَجِيرُونِي بِمَنْزِلَةِ اللَّهِ عِنْدَكُمْ وَآلِ بَيْتِكُمُ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِين‏. ص: 35

الزيارة الثالثة: وهي الزيارة المشتركة مع أئمة البقيع، ذكرها في البحار.

عَنْ عَمْرِو بْنِ هَاشِمٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحَدِهِمْ (ع) قَالَ: إِذَا أَتَيْتَ الْقُبُورَ بِالْبَقِيعِ قُبُورَ الْأَئِمَّةِ فَقِفْ عِنْدَهُمْ وَاجْعَلِ الْقَبْرَ بَيْنَ يَدَيْكَ، ثُمَّ تَقُولُ:

السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ التَّقْوَى، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا الْحُجَجُ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا الْقُوَّامُ فِي الْبَرِيَّةِ بِالْقِسْطِ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الصَّفْوَةِ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ آلَ رَسُولِ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ النَّجْوَى، أَشْهَدُ أَنَّكُمْ قَدْ بَلَّغْتُمْ وَنَصَحْتُمْ وَصَبَرْتُمْ فِي ذَاتِ اللَّهِ وَكُذِّبْتُمْ وَأُسِي‏ءَ إِلَيْكُمْ فَغَفَرْتُمْ.

وَأَشْهَدُ أَنَّكُمُ الْأَئِمَّةُ الرَّاشِدُونَ الْمُهْتَدُونَ، وَأَنَّ طَاعَتَكُمْ مَفْرُوضَةٌ، وَأَنَّ قَوْلَكُمُ الصِّدْقُ، وَأَنَّكُمْ دَعَوْتُمْ فَلَمْ تُجَابُوا، وَأَمَرْتُمْ فَلَمْ تُطَاعُوا، وَأَنَّكُمْ دَعَائِمُ الدِّينِ وَأَرْكَانُ الْأَرْضِ، لَنْ تَزَالُوا بِعَيْنِ اللَّهِ يَنْسَخُكُمْ مِنْ أَصْلَابِ كُلِّ مُطَهَّرٍ وَيَنْقُلُكُمْ مِنْ أَرْحَامِ الْمُطَهَّرَاتِ، لَمْ تُدَنِّسْكُمُ الْجَاهِلِيَّةُ الْجَهْلَاءُ، وَلَمْ تَشْرَكْ فِيكُمْ فِتَنُ الْأَهْوَاءِ، طِبْتُمْ وَطَابَ مَنْبِتُكُمْ، مَنَّ بِكُمْ عَلَيْنَا دَيَّانُ الدِّينِ فَجَعَلَكُمْ‏ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ،‏ وَجَعَلَ صَلَاتَنَا عَلَيْكُمْ رَحْمَةً لَنَا وَكَفَّارَةً لِذُنُوبِنَا، إِذِ اخْتَارَكُمُ اللَّهُ لَنَا وَطَيَّبَ خَلْقَنَا بِمَا مَنَّ عَلَيْنَا مِنْ وَلَايَتِكُمْ، وَكُنَّا عِنْدَهُ مُسَمَّيْنَ بِعِلْمِكُمْ مُعْتَرِفِينَ بِتَصْدِيقِنَا إِيَّاكُمْ.

وَهَذَا مَكَانُ مَنْ أَسْرَفَ وَأَخْطَأَ وَاسْتَكَانَ وَأَقَرَّ بِمَا جَنَى، وَرَجَا بِمَقَامِهِ الْخَلَاصَ، وَأَنْ يَسْتَنْقِذَهُ بِكُمْ مُسْتَنْقِذُ الْهَلْكَى مِنَ الرَّدَى، فَكُونُوا لِي شُفَعَاءَ، فَقَدْ وَفَدْتُ إِلَيْكُمْ إِذْ رَغِبَ عَنْكُمْ أَهْلُ الدُّنْيَا، وَاتَّخَذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً، وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا.

يَا مَنْ هُوَ قَائِمٌ لَا يَسْهُو، وَدَائِمٌ لَا يَلْهُو، وَمُحِيطٌ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ، لَكَ الْمَنُّ بِمَا وَفَّقْتَنِي وَعَرَّفْتَنِي أَئِمَّتِي، وَبِمَا أَقَمْتَنِي عَلَيْهِ إِذْ صَدَّ عَنْهُ عِبَادُكَ وَجَهِلُوا مَعْرِفَتَهُ وَاسْتَخَفُّوا بِحَقِّهِ وَمَالُوا إِلَى سِوَاهُ، فَكَانَتِ الْمِنَّةُ مِنْكَ عَلَيَّ مَعَ أَقْوَامٍ خَصَصْتَهُمْ بِمَا خَصَصْتَنِي بِهِ، فَلَكَ الْحَمْدُ إِذْ كُنْتُ عِنْدَكَ فِي مَقَامِي هَذَا مَذْكُوراً مَكْتُوباً، فَلَا تَحْرِمْنِي مَا رَجَوْتُ‏، وَلَا تُخَيِّبْنِي فِيمَا دَعَوْتُ، بِحُرْمَةِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ.

ثُمَّ ادْعُ لِنَفْسِكَ بِمَا أَحْبَبْت.‏ (بحار الأنوار، ج‏97، ص: 204).

الزيارة الرابعة: وهي زيارته مع أئمة البقيع، ذكرها الكفعمي في مصباحه دون نسبة، وهي كالتالي:

تَقُولُ فِي زِيَارَةِ أَئِمَّةِ الْبَقِيعِ (ع) بَعْدَ أَنْ تَجْعَلَ الْقَبْرَ بَيْنَ يَدَيْكَ وَأَنْتَ عَلَى غُسْلٍ:

السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا خُزَّانَ عِلْمِ اللَّهِ وَحَفَظَةَ سِرِّهِ وَتَرَاجِمَةَ وَحْيِهِ، أَتَيْتُكُمْ يَا بَنِي رَسُولِ اللَّهِ عَارِفاً بِحَقِّكُمْ مُسْتَبْصِراً بِشَأْنِكُمْ مُعَادِياً لِأَعْدَائِكُمْ مُوَالِياً لِأَوْلِيَائِكُمْ، بِأَبِي أَنْتُمْ وَأُمِّي، صَلَّى اللَّهُ عَلَى أَرْوَاحِكُمْ وَأَبْدَانِكُمْ.

اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَوَلَّى آخِرَهُمْ كَمَا تَوَلَّيْتُ أَوَّلَهُمْ، وَأَبْرَأُ مِنْ كُلِّ وَلِيجَةٍ دُونَهُمْ، آمَنْتُ بِاللَّهِ وَكَفَرْتُ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى وَكُلِّ نِدٍّ يُدْعَى مِنْ دُونِ اللَّهِ.

وَتَقُولُ فِي وَدَاعِهِمْ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَئِمَّةَ الْهُدَى وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، أَسْتَوْدِعُكُمُ اللَّهَ وَأَقْرَأُ عَلَيْكُمُ السَّلَامَ، آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَبِمَا جِئْتُمْ بِهِ وَدَلَلْتُمْ عَلَيْهِ، اللَّهُمَ‏ فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ،‏ وَلَا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِهِمْ، وَالسَّلَامُ عَلَيْهِمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُه.‏ (بحار الأنوار، ج‏97، ص: 207).

من مؤلفاتنا