كيف أتخطى التشتت في صلاتي؟

سماحة السيد اني اعاني من تشتت ذهني في الصلاه من اسبوعين وانا الاحظ على نفسي عدم التركيز في ما اقول في الصلاه واقوم بأعاده الصلاه بعدها  ولكن اشعر بأن الله لم يقبل صلاتي لان ذهني كان مشغولا ؟؟اني اعرف ان الشيطان هو الذي يجلب الي هذه الافكار في صلاتي ولكن لا استطيع السيطره على افكاري ففكره تأتي لي وان لم افكره فيها فما هي نصيحكم سماحه السيد محمود الموسوي لكي أعالج هذا الشئ وابعده عن نفسي؟؟

أ. الزهراء

ـــــــــــــــــــ

الإجابة:

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الشكر موصول لكم على حسن ظنكم وتواصلكم..

بخصوص مشكلة التشتت وعدم التركيز في الصلاة، فينبغي معرفة أن الشيطان يضاعف عمله في عبادات المؤمن لكي يضعفها، والصلاة بحد ذاتها هي محل صراع بين الإنسان وبين الشيطان، لذلك سمي محراب الصلاة محراباً، لأنه محل الحرب معه.

فمن الطبيعي أن تتوارد بعض الأفكار حال الصلاة، ولكن ينبغي مجابهتها والتغلب عليها شيئا فشيئاً.

ولأن حضور القلب في الصلاة أمر نسبي وهو صعب، ويأتي بالمراس والتمرين، وهو متغير من حال إلى حال، فإن الحكم الشرعي لم يشترط في الصلاة أن يكون حضور القلب منها، أي أنها لا تبطل بعدم حضور القلب، وذلك لأن اشتراطه يشكل حرجاً كبيراً على المصلي، ولأن الأمر نسبي كما قلنا..

فقد قال تعالى: (فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ. الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ) [الماعون :4، 5] ، فالآية قالت (عن صلاتهم) ولم تقل (في صلاتهم)..

فعلى الإنسان دوماً الحصول على أكبر مقدار من حضور القلب في الصلاة، لأن الخاشع يحصل على الفلاح كما قال تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ. الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) [المؤمنون :1، 2]، وستعود عليه فوائد الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر، وتسمو بالنفس إلى حيث القرب الإلهي والاتصال بمصدر الطمأنينية.

ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله): أن من الصلاة لما يقبل نصفها وثلثها وربعها وخمسها إلى العشر، وإن منها لما يلف كما يلف الثوب الخلق فيضرب بها وجه صاحبها، وإنما لك من صلاتك ما أقبلت عليه بقلبك. (بحار الأنوار جج81 ص261).

أما عن كيفية حصول التركيز في الصلاة والخشوع، فإن الإمام الرضا (ع) عن أمير المؤمنين (ع) يعطينا برنامجاً مهماً لذلك، في قوله:

(طوبى لمن أخلص لله العبادة والدعاء ولم يشغل قلبه بما تراه عيناه، ولم ينس ذكر الله بما تسمع أذناه ولم يحزن صدره بما أعطي غيره).

والنصائح على ضوء هذا الحديث هي:

1/ الابتعاد عن الشواغل البصرية في مكان الصلاة، فكلما كان مكان الصلاة خال من رسومات وما يشغل به المصلي نفسه كان أفضل.

2/ ومن الابتعاد عن الشواغل البصرية، الالزام بتوجيه النظر حال لاصلاة،  ففي القيام يوجه المصلي نظره نحو موضع السجود، وعند الجلوس إلى الحجر وعند الركوع إلى ما بين الرجلين، كما هو مستحب، والالتزام بالمستحبات الأخرى، مثل أن لا يصلي أمام باب مفتوح أو أمام صورة، أو أمام مرءآة.

3/ الابتعاد عن الشواغل السمعية، فيتجنب الصلاة في أماكن الضوضاء، أو الأماكن التي فيها محادثات، أو الأجهزة التلفزيونية التي تعمل، وغير ذلك.

4/ القناعة بما عنده، وعدم مد البصر إلى ما عند الغير والزهد في كل ما في أيدي الناس، لأن ذلك يشغل القلب بشكل مستمر، فالإنسان يبقى بشكل دائم يفكر فيما يتمناه وما خص به غيره دونه، فيلاحقه هذا الشعور في كل مكان، لأنه يرتبط بكل شيء في الحياة عادة.

5/ الزهد وعدم التعلق بما يملك الإنسان وعدم التعلق بكل شيء يملك، وكما في الحديث (ليس الزهد أن لا تملك شيئا، ولكن الزهد أن لا يملكك الشيء) أي لا يجعلك تتعلق به بحيث تكون قراراتك مرتبطة به، فهنا ينصرف القلب عن التفكير في أكثر الأشياء التي تمر عليه في الحياة، فتتضيق دائرة الإنشغال، وتزيد قوة التركيز.

وهنالك أشياء أخرى مثل:

6/ الاستعاذة من الشيطان الرجيم بداية كل صلاة.

7/ معرفة منزلة الخاشعين في الصلاة وعظيم ثوابهم.

8/ معرفة معاني الصلاة ولو بشكل إجمالي والتفكر فيها، والتوجه لها حال الصلاة، بحيث يقولها الإنسان كما ينشئها من قلبه، فإذا قال (إياك نستعين) فهو يقرر ويطلب الاستعانة بالله في كل شيء يرومه في الحياة.

ويبقى حضور القلب والخشوع، مرهون بالممارسة والاهتمام في كل صلاة.

والله الموفق والمستعان

السيد محمود الموسوي

من مؤلفاتنا