هل غضب الله على الشيعة في عالم الذر فوقاهم الإمام الكاظم بنفسه؟

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد وآله الطاهرين.

إن الرواية المشار إليها في السؤال، لا يوجد فيها عبارة عالم الذر، ولم تذكر أن آلام أهل البيت (ع) هي بسبب الشيعة أو أفعالهم، الرواية تقول:

في الكافي: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى (ع) قَالَ:‏ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ غَضِبَ عَلَى الشِّيعَةِ، فَخَيَّرَنِي‏ نَفْسِي أَوْ هُم،‏ فَوَقَيْتُهُمْ وَاللَّهِ بِنَفْسِي‏. ج1، ص259.

فالرواية تتحدّث تحديداً عن زمن الإمام موسى الكاظم (ع)، وما كان عليه الواقع في آخر عمره الشريف، لعله من عموم الشيعة أو من غالبيتهم أو من رؤوس مهمة فيهم، فكل ذلك يصدق عليه التعميم بالنظر للأثر.

وقد قال العلامة المجلسي في مرآة العقول حول معنى أن الإمام وقاهم بنفسه: (إما لتركهم التقية، فانتشر أمر إمامته عليه السلام، فتردد الأمر بين أن يقتل الرشيد شيعته وتتبعهم، أو يحبسه عليه السلام ويقتله، فدعا عليه السلام لشيعته، واختار البلاء لنفسه، أو لعدم انقيادهم لإمامهم وخلوصهم في متابعته وإطاعة أو أمره). ج3، ص126.

ومن هنا نعرف كحقيقة عامة قد تنطبق على واقعنا ولو بنسبة من النسب، أن آثار سلوك الأعمال، عند مخالفة أمر الإمام المعصوم، أمر قد يحصل، وما يمكن أن يحدث بسبب ذلك من تأخر البركة والفرج، على الخصوص فيما يرتبط بالنهج الذي يرتضيه أهل البيت لشيعتهم، وفي الحديث التالي إشارة لذلك:

الکافی: عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْجَوَّانِيِّ قَالَ: شَهِدْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (ع) وَهُوَ يَقُولُ لِمَوْلًى لَهُ يُقَالُ لَهُ سَالِمٌ، وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى شَفَتَيْهِ، وَقَالَ: يَاسَالِمُ احْفَظْ لِسَانَكَ تَسْلَمْ، وَلَا تَحْمِلِ النَّاسَ عَلَى‏ رِقَابِنَا. ج2، ص113.

فقد يظن البعض أنه يدافع عن أهل البيت (ع) وعن حقّهم، ولكنه يسيء لهم بمخالفة نهجهم وعدم سلوك طريقتهم، فذلك له آثار سلبية عظيمة، لأنه إنما يلقي الأثر على أهل البيت (ع) ويحمل الناس على الاستخفاف بنهجهم والصدّ عنهم والتعرّض لهم.

ولذا لابد أن نكون لهم زيناً ولا نكون لهم شيناً.

فقد روى في أمالي الطوسي عن سُلَيْمَانُ بْنُ مِهْرَانَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) وعِنْدَهُ نَفَرٌ مِنَ الشِّيعَةِ وَهُوَ يَقُولُ: مَعَاشِرَ الشِّيعَةِ، كُونُوا لَنَا زَيْناً، وَلَا تَكُونُوا لَنَا شَيْناً، قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً، وَاحْفَظُوا أَلْسِنَتَكُمْ وَكُفُّوهَا عَنِ الْفُضُولِ، وَقَبِيحِ الْقَوْلِ. ص440.

السيد محمود الموسوي

من مؤلفاتنا