وقد روى السيد محمود الموسوي من البحرين تجربته تحت عنوان (مشروع القرآءة ورسالة الكتابة.. المخاض والتجربة).
مقدمة الكاتب: الأستاذ حسن حمادة
تجارب الكتَّاب.. من القراءة إلى الكتابة
الكثير من الناس يجيدون فن الصمت ولا يفكرون بالتعريف بأنفسهم
نشرت جريدة البلاد السعودية، اليوم تغطية حول كتاب: "تجارب الكتاب.. من القراءة إلى الكتابة"، لمؤلفه الكاتب والإعلامي حسن آل حمادة، وهنا نص المادة المنشورة:
بديهة أن الأشخاص الذين برزوا وعُرِفوا كانوا يعملون وفق سنن الحياة، وهم أولئك النفر الذين أتقنوا فن الظهور -بالمعنى الإيجابي- وعرّفوا أنفسهم للآخرين بما يحسنونه من عملٍ. بينما الأشخاص الذين قُبروا قد قَبروا أنفسهم بأيديهم؛ لأنهم لم يسعوا من أجل التعريف بوجودهم وبقدراتهم وإمكانياتهم.
ورغم أن حكمة الحياة -على لسان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)- تقول: "تكلموا تعرفوا فإن المرء مخبوء تحت لسانه"؛ إلاّ أننا نجد الكثير من الناس يجيدون فن الصمت والسكوت؛ فلا تجدهم يفكرون بالتعريف بأنفسهم.
وبتصوري أن المُمسك لهذا الكتاب يُصنَّف من القسم الأول؛ فهو إمّا أن يكون كاتباً يسعى للتعرّف على تجارب الآخرين ليجمع عقلوهم إلى عقله، أو هو قارئ يريد أن يُسجِّل اسمه في قائمة الكتَّاب، لذا حرص على اقتنائه ليستفيد من تجارب الكتَّاب ليحذو حذوهم.
على كل حال؛ فإن فكرة الكتاب تهدف التركيز على جنبتين: الأولى: تجارب الكتّاب في ممارسة عادة القراءة، والثانية: تجاربهم في الكتابة، بمختلف مجالاتها: (الدراسة، المقالة، الشعر، القصة...إلخ). وقد انبثقت هذه الفكرة لديّ عام 1419هـ، وعزفت عنها ذلك الوقت بعد نقاش مع مؤلف من أبناء المنطقة، ولكنني ونحن الآن في عام 1429هـ وجدت نفسي مصرًّا على انجازها، بعد أن قمت عمليًّا بتقديم بعض الدورات، فيما يخص مهارتي: القراءة والكتابة، ووجدت تفاعلًا من قبل المتدربين والمتدربات مع التجارب القرائية والكتابية التي أنقلها لهم.. المتدربون -في الواقع- هم من شجعني على إنجاز فكرة الكتاب وتحويلها من حلم لحقيقة.
كما سنرى؛ فإن المشاركين بالكتابة في هذا العمل هم مجموعة من الكتّاب -والكاتبات- العرب، وهدفنا من ذلك إبراز أكبر قدر ممكن من التجارب الكتابية المهمة، ويتغيا المشروع، تقديم معرفة جادة، بلغة مرنة، تُعين الجيل المعاصر، من أجل تنمية عادة القراءة لديهم أولًا، ولتعزيز قدراتهم الكتابية ثانياً.
وقد يُستحسن أن نشير في هذا التقديم إلى أن المؤلف عَمِدَ لاستكتاب مجموعة منوّعة من الكتّاب، بعيدًا عن أي صفة أخرى! ومن مناطق عربية مختلفة، وقد وجد تجاوبًا سريعًا من قبل بعضهم، وتلقى وعودًا بالمشاركة من آخرين، فيما لم يسمع أي استجابة من فئة ثالثة، لذا عزف عن محادثتهم بالأمر مجددًا.
ومن يؤلف عملًا كهذا، لا شك أنه يقع في حيرة وهو يختار الأسماء المناسبة لهذا العمل؛ فالكتّاب كُثر، والاختيار تّم بناءً على كون المُستكتب كاتبًا له حضوره ونتاجه المنشور، بغض النظر عن الامتداد والتشعب، ففي قناعتي أن كل من مسك بالقلم وسطّر للآخرين ما قام بنشره، فهو كاتب يستحق أن يحكي تجربته الكتابية، وأظن أن كل تجربة هنا تمثل أهمية وفائدة لمن يقرؤها.
أما بالنسبة لتفاوت حجم المشاركة بين الكتّاب، فحدث بسبب عدم قدرة الكتّاب على ضبط الحديث عن ذواتهم؛ فالحديث عن الذات حديث جميل، ولو تُرك الكاتب وطبعه لكتب أضعاف ما كتب. شخصيًا، طلبت من المشاركين الكتابة في حدود (2500) كلمة، وأجمع معظمهم أن هذا المقدار كبيراً للحديث عن تجربة محددة، ولكن الأكثر -وأنا أولهم- ترك الأمر للقلم وما كتب، ولم أجد مشكلة في هذا الأمر، إذ تنوعّت بذلك الكتابات في طريقة العرض قليلًا، وتباينت في الحجم بشكلٍ ملحوظ؛ لتضفي على الكتاب جمالًا بخروجه عن الرتابة المُمِّلّة أحيانًا.
وفيما يخص محاور كتابة التجربة، فقد أردنا أن تكون مفتوحة للكاتب، وبعد طلب البعض من الكتّاب تحديد محاورها، حددنا بعضها على سبيل التوضيح لا الإلزام، فمثلًا بالنسبة للتجربة القرائية، قد يجد القارئ حديثًا عن أول كتاب أو كتب قرأها صاحب التجربة، وطريقة حصوله عليها، وهل كانت بتشجيع من قبل شخص ما -أب، معلم...إلخ-؟ نوعية القراءات التي شجعته على الاستمرار في القراءة. هل بدأ منفتحًا في قراءته، أم منغلقًا في مجالات محددة؟ كيف كان يقرأ؟ هل كان يخصص محورًا محددًا -كالتاريخ مثلًا- لبعض الوقت، أم ينوع في قراءاته؟ هل شعر يومًا بعدم جدوى القراءة؟ هل وجد توبيخًا واستهزاءً بسبب ملازمته للقراءة؟ كيف كان قبل القراءة، وكيف أصبح بعدها؟
وفيما يخص التجربة الكتابية، قد يجد القارئ إشارة لأول مادة تم نشرها لكاتب التجربة، وجهة نشرها، وردود الفعل المصاحبة لها، -سلبًا أو إيجابًا-. كما سيعرف القارئ إن كانت التجربة الأولى للكاتب في النشر دفعته للمزيد من النشر، أم جعلته يتريث قليلًا؟ ولماذا يكتب الكاتب؟ وهل من جدوى للكتابة؟ وماذا يكتب؟ وفي أي الأجواء يكتب؟ وما هو أسلوبه المتبع في الكتابة؟ وهل يفكر بالتوقف عن الكتابة؟ وغير ذلك من نقاط وملاحظات.
ما هي الشريحة التي ركّزنا عليها في الكتاب؟ وماذا نتوقع أن يضيف إليها؟
الكتاب مُوجّه بدرجة أولى لمن يسعى لتحقيق كيانه الثقافي، وتفعيل قدراته الكتابية، ففيه مادة مفيدة، لكل من يفكر بمسك الكتاب كقارئ، أو ككاتب في المستقبل القريب، ولا يخفى على أحدٍّ، أهمية نقل التجارب الناجحة في مختلف المجالات، وكما يروى عن الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) قوله: "إن في التجارب علم مستحدث"، فالكتاب -كما نأمل- سيضيف للقارئ تجارب منوعّة لكتّاب عملوا بجد، وربما مشى بعضهم في حقلٍ من المسامير، حتى وصلوا لما هم فيه من مكانة بارزة تبوؤها في مشهدنا الثقافي.
فالإنسان يظل بحاجة؛ لأن يتعلم من تجارب الآخرين مهما بلغت مكانته العلمية، وصدق الشاعر إذ يقول:
ألم ترَ أن العقل زينٌ لأهله وأن تمام العقل طولُ التجاربِ
بقي أن نشير إلى أن الترتيب المُعتمد في تسلسل التجارب تم وفقًا للترتيب الهجائي لأسماء الكتّاب، وقد استغنينا عن وضع تراجم لهم، باعتبار أن تجاربهم تحكي التعريف بهم، لذا اكتفينا بوضع كلمة (كاتب)، لكل مشارك مع إضافة اسم بلده، مع احترامنا للجميع، وتقديرنا لمقاماتهم في الساحة الدينية والعلمية والثقافية والاجتماعية.
وكلي أمل أن يجد القارئ لهذه التجارب ما يعينه وهو يشق طريقه في عالمي: القراءة والكتابة.
فهذه مجموعة من التجارب نضعها بين أيديكم؛ لكيلا نبدأ من الصفر.
المشاركون: يذكر أن المشاركين حسب ترتيبهم في الكتاب، هم: أحمد راسم النفيس (مصري)، إدريس هاني (مغربي)، بشير البحراني (سعودي)، جاسم الصحيح (سعودي)، حسن آل حمادة، حسن حنفي (مصري)، حيدر حب الله (لبنانبي)، خولة القزويني (كويتية)، رسول محمد رسول (عراقي)، زيد الفضيل (سعودي)، سامي خضرة (لبناني)، صباح عباس (سعودية)، عبدالحميد الأنصاري (قطري)، عبدالخالق الجنبي (سعودي)، عبدالله اليوسف (سعودي)، عدنان العوامي (سعودي)، فوزية العشماوي (مصرية)، فيصل العوامي (سعودي)، كفاح الحداد (عراقية)، محمد الحرز (سعودي)، محمد محفوظ (سعودي)، محمود الموسوي (بحريني)، منصور النقيدان (سعودي).
مقالات ذات صلة:
- مجلة (القرآن نور) التخصّصية تنشر دراسة للسيد محمود الموسوي - 2010/08/23
- في جلسة قرآنية: الإسراف ومنهج الاعتدال - 2010/08/23
- قناة أهل البيت تجري حواراً مع السيد محمود الموسوي - 2010/08/23
- السيد محمود الموسوي لإذاعة طهران : الإمام المهدي المنتظر يعزز فاعلية الشباب ويخلق التوازن - 2010/08/23
- الموسوي لإذاعة طهران : أهل البيت (ع) أحسنوا للبشرية جمعاء، بل علمواها الإحسان - 2010/08/23
أحدث المقالات - من جميع الأقسام:
مقالات متفرقة:
المقالات الأكثر قراءة:
- ما معنى جوامع الكلم؟ - 2010/09/20 - قرأ 48809 مرُة
- معجم المؤلفين البحرينيين يترجم للسيد الموسوي - 2015/05/28 - قرأ 35928 مرُة
- هل في المرض أجر؟ وما صحة قولنا للمريض: أجر وعافية؟ - 2015/05/20 - قرأ 33199 مرُة
- لماذا نسجد على التربة الحسينية؟ - 2010/08/10 - قرأ 31452 مرُة
- مالذي يقصده الإمام الحسين من قوله: (لم أخرج أشراً ولا بطراً..) وهل لها انعكاس على الواقع الشخصي؟ - 2016/10/08 - قرأ 28358 مرُة
- بحث فقهي معاصر في حق الزوجة في المعاشرة - 2011/03/30 - قرأ 20471 مرُة
- السيرة الذاتية - 2010/08/08 - قرأ 19740 مرُة
- ماهو واجبنا تجاه الامام المنتظر والاستعداد للظهور؟ - 2010/08/30 - قرأ 19596 مرُة
- ماذا تقولون في كلمة الإمام الحسين عليه السلام: خط الموت على ولد آدم.. - 2016/10/08 - قرأ 19519 مرُة
- سورة الفيل وقريش - 2010/08/11 - قرأ 15794 مرُة