الموسوي يقدّم لكتاب "رؤى إسلامية"

قدّم السيد محمود الموسوي  لكتاب "رؤى إسلامية من وحي التفكر" للمهندس والكاتب غريبي مراد عبد الملك "الجزائر" ، وفي تقديمه للكتاب أشار اليسد الموسوي إلى ضرورة النقد الثقافي والموائمة بين النقد كعملية مراقبة وبين المراقبة الأخلاقية، لكي لا يخرج النقد عن رسالته.

 

وكتاب "رؤى إسلامية من وحي التفكر" هو في الأصل مجموعة مقالات كتبت تباعاً، وهي نتاج تفاعلات متواصلة مع مستجدات واقعنا الإسلامي واتصالاً بالذكريات الإسلامية الخالدة والحية في ضمير المسلمين للنهضة بالوعي الإسلامي من سباته العميق، كما أنه دعوة متواضعة للتفكر بصدق وحكمة وإيمان لنيل وسام الرسالية باستحقاق.

الطبعة الأولى 2008م ـ 1429هـ

الناشر : دار الإرشاد ـ لبنان

الحجم الوزيري/ 176 صفحة

نص المقدمة بقلم السيد محمود الموسوي:

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة على أشرف الخلق سيدنا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلى آله الطيبين الطاهرين(عليهم السلام).

ضمن الوظائف الخمسة للإدارة بعد التخطيط والتنظيم والتوظيف والتوجيه ، تأتي آخر مهمة وهي (الرقابة) التي تهتم بمراقبة أداء العمل وفحص صحة مساره لمعرفة صحة توجهه نحو الأهداف المرجوة و الغايات المحدّدة.

وفي علم الأخلاق تأتي وظيفة (المحاسبة) بعد تزكية النفس ، وتأديبها ، وترويضها على العمل الصالح ، فتقوم المحاسبة بوظيفة مراجعة مسيرة النفس ضمن ما رسمته لنفسها من مسار صالح ، ونظراً لأهمية محاسبة النفس فقد وضعها الدين في حالة تداولية دائمة وحاضرة عند الإنسان في كل يوم من أيام حياته ، فعن الإمام موسى بن جعفر (ع) : (ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم ، فإن عمل حسناً استزاد وإن عمل سيئاً استغفر الله منه وتاب إليه). وسائل الشيعةج11،ص377

الرقابة الإدارية ، والمحاسبة الأخلاقية ، تؤديان درواً رئيساً ومهماً في دفع العجلة لتنتقل من مسارها النظري إلى التطبيقي ، ومن التطبيقي السلبي إلى التطبيقي الإيجابي ، ومن الإيجابي الحسن إلى الإيجابي الأحسن ، وهكذا تدفع عجلة العمل إلى بلوغ الأهداف والمقاصد المتوخاة من خطة العمل ، ومن دونها فإن العمل يسوء ويتجه نحو التسافل.

وفي الثقافة جاء النقد ليعبّر عن هذه المكانة وهذه المهمة ، ليكون لدى العامل حسّاً نقدياً في حراكه الثقافي وفي مجالات انجازه المعتمدة على المعرفة ، إلا أن النقد أخذ يتجه لدى البعض اتجاهات منافية لغرضه ومقصده في تصحيح المسار وتطوير الأداء وتنمية الطموح ودفع العجلة للأمام ، فأصبح النقد للنقد ، مما يعطي نتيجة هدّامة ..

السبيل السليم ليكون النقد مؤديا مهامه على أكمل وجه ، هو أن يكون الناقد ذا همّ مسؤول ، وإخلاص في إرادة التقدّم ، كما أن من الضروري أن يكون الناقد للواقع منسكباً في مشاريع العمل المتنوعة ، كأن يكون صاحب مشروع أو صاحب غايات سامية.

نقتبس هذه البصيرة من نهج أهل البيت عليهم السلام ، في عدم التفريق بين الأخلاقي والثقافي أو الإجتماعي وغيره ، فالأخلاق هي نهج الثقافة ونهج الإجتماع والسياسة ، ولابد أن تتناغم مع كل تلك الإتجاهات، فلذلك يمكننا أن نعكس مبدأ (محاسبة النفس) على منحى النقد ، فتتكون لدينا بصيرة مهمة ، وهي أن محاسبة النفس لا تأتي إلا لمن يكون عاملاً ، وقصد المحاسبة هي الوصول إلى الصلاح والربح ، وهكذا هي الصورة الأمثل للفعل النقدي..

وهذا أمير المؤمنين (ع) يعطينا نصّاً ، نرى فيه انسجام الأخلاق مع الثقافة بل وارتباطهما من حيث محاسبة النفس والإعتبار والبصيرة.. قال (ع) : (من حاسب نفسه ربح ، ومن غفل عنها خسر ، ومن خاف أمِن ، ومن اعتبر أبصر ، ومن أبصر فهِم ، ومن فهم علم). وسائل الشيعة ج11، ص378

في هذا السياق فقد طالعت كتاب الأخ الباحث المخلص غريبي مراد حفظه الله ، الموسوم بـ (من وحي التفكر) وقد وجدته مراقباً حيوياً للواقع بعين مسؤولة تطمح للتطوير ، ويسأل عن مواطن التقصير ، لتملئ بمحاسن الأفعال، وفقاً للغايات السامية للدين الإسلامي الحنيف.

أتمنى له دوام الموفقية والسداد.

محمود الموسوي

.

من مؤلفاتنا