ابراهيم محمد البوشفيع*
حينما نحاول سبر أغوار سيرة الطيبة الطاهرة السيدة الزهراء (س) فإننا نجد بأن هذه الفتاة ذات الثمانية عشر ربيعاً تملك من مفاتيح الغيب ما تنوء به أولو العصبة من الأولياء، فقد اختصها الله ببعض المقامات والكرامات التي لا مبالغة بالقول بأنها موضع حيرة وانبهار، وللأقلام ارتجاج وانكسار، وللعقول توقف وانحسار.
.الزهراء (ع) نافذة على الغيب:
لقد كانت الصديقة الطاهرة إحدى أجلى مظاهر تجلي الحالات الغيبية في عالم الشهود، فما تظافرت به الكثير من الروايات الصحيحة والمتواترة لفظاً ومعنى يظهر بأن (فاطمة) ليست مجرد امرأة عادية، بل لها من التجاذبات بين عالم الشهادة وعالم الغيب ما يجعلها ذات محورية خاصة في حياة المعصومين (ع).
فماذا تتوقع من امرأة لم تمر في رحلة الأصلاب والأرحام، وإنما هبطت مباشرة من جنة الخلد تفاحةً تكونت في صلب النبي (ص) وترائب خديجة (ع) فكانت (فاطمة) سلام الله عليها؟!
وماذا تعتقد من الفضل لامرأة قام الله سبحانه وتعالى بعقد قرانها على أمير المؤمنين (ع)؟
ولعلنا حينما نرى رسول الله (ص) – كما تذكر لنا الروايات المتظافرة- يقف إجلالا واحتراماً للصديقة الطاهرة، ويقبل يدها وفي بعض الروايات يقبل نحرها كلما اشتاق للجنة، فإن لهذه المواقف إشارات ودلائل أن الزهراء (ع) في السماء وفي عالم الغيب أعظم وأكبر قدراً وعظمة منها في الأرض.
الزهراء (ع) ميزان الحجج:
من المعروف والمسلم به أن علياً (ع) هو ميزان الإيمان والنفاق، إلا أن ميزان عمق الإيمان من سطحيته في قلب المؤمن كان من نصيب الزهراء (ع)، إضافة إلى كونها ميزاناً لغضب الله ورضاه وهو من أوضح الواضحات. بل تدل معاني الأخبار ومنطوقها بأن للزهراء (ع) هيمنة خاصة حتى على المعصومين (ع)، فقد روي عن الإمام الحسن العسكري (ع) : "نحن حجج الله على خلقه، وفاطمة حجة الله علينا"، وخرج في أحد تواقيع الناحية المقدسة عن الإمام الحجة (ع) قوله: "وفي ابنة رسول الله (ص) لي أسوة حسنة.."، إضافة إلى الحاجة إلى وقفات تأمل محيرة في إرجاع الضمائر إليها عند ذيل حديث الكساء المبارك (هم فاطمة..) ما يجعلها محوراً وقطب رحى للتعريف بأصحاب الكساء.
وهي حجة علينا:
وفي الوقت ذاته، فإن الصديقة الطاهرة (ع) ليست مجرد أيقونة مقدسة نعلقها على صدورنا وحوائط بيوتنا، بل هي مصباح نضع شعاعه أمام عيوننا لنرى طريق البصيرة واضحا ناصعا، وهي حجة علينا، على العلماء وعلى العوام، وعلى الرجال والنساء، وعلى الصغار والكبار.
ما أعظمك يا فاطمة!.
ـــــــــــــــــــــــــــ
شاعر وكاتب من الإحساء
مقالات ذات صلة:
أحدث المقالات - من جميع الأقسام:
مقالات متفرقة:
المقالات الأكثر قراءة:
- ما معنى جوامع الكلم؟ - 2010/09/20 - قرأ 49028 مرُة
- معجم المؤلفين البحرينيين يترجم للسيد الموسوي - 2015/05/28 - قرأ 35948 مرُة
- هل في المرض أجر؟ وما صحة قولنا للمريض: أجر وعافية؟ - 2015/05/20 - قرأ 33870 مرُة
- لماذا نسجد على التربة الحسينية؟ - 2010/08/10 - قرأ 32120 مرُة
- مالذي يقصده الإمام الحسين من قوله: (لم أخرج أشراً ولا بطراً..) وهل لها انعكاس على الواقع الشخصي؟ - 2016/10/08 - قرأ 28587 مرُة
- بحث فقهي معاصر في حق الزوجة في المعاشرة - 2011/03/30 - قرأ 20507 مرُة
- ماهو واجبنا تجاه الامام المنتظر والاستعداد للظهور؟ - 2010/08/30 - قرأ 20033 مرُة
- السيرة الذاتية - 2010/08/08 - قرأ 19916 مرُة
- ماذا تقولون في كلمة الإمام الحسين عليه السلام: خط الموت على ولد آدم.. - 2016/10/08 - قرأ 19848 مرُة
- سورة الفيل وقريش - 2010/08/11 - قرأ 15918 مرُة