للقنوت عدة صور في اختيار الدعاء:
الأولى: أن يدعو بأي دعاء من إنشائه هو، ولكن ضمن المعاني الصحيحة للدعاء، ومنه التسبيح والتمجيد والدعاء للنفس وللوالدين بخير الدنيا الآخرة. وقد ذكر الفقهاء جواز مطلق الدعاء في القنوت، وهو كاف.
الثانية: أن يدعو بأي دعاء، ولكن بحيث يكون الدعاء من إنشاء أهل البيت (ع)، أي مقتبساً من نصوص الأدعية التي رويت عن أهل البيت (ع) في مختلف المواضع والأحوال، فهو إما يقرأها كاملة أو يستقطع منها أجزاء ليقرأها في قنوته. وهو بذلك عمل بالجائز، وزاد عليه بالأفضل، وهو العمل بالمروي عن أهل البيت (ع) من الأدعية، لأنهم أعرف بمخاطبة الله تعالى.
الثالثة: أن يدعو بالأدعية المأثورة عن أهل البيت (ع) في خصوص القنوت. وهو بذلك عمل بالأفضل، من حيث اختياره لدعاء من الأدعية الواردة عن أهل البيت (ع) في القنوت.
ويُفهم من كلمات الفقهاء أن الأفضلية تشمل الصورة الثانية والثالثة معاً، وهو موافق لمفاد الروايات الشريفة، وأفضليتهما لا تعني عدم الفضل في الصورة الأولى.
ويمكن للإنسان أن يتخيّر من الأدعية التي تناسبه من حيث الفهم، ومن حيث الحاجة، مما هو وارد عن أهل البيت (ع) وهي كثيرة جداً ومستوعبة لحاجات الإنسان، ويمكنه أن يخصّص حاجة معيّنة ويذكرها بعينها ويسميها ضمن دعائه، فقد تعددت أدعية أهل البيت (ع) أنفسهم في دعاء القنوت، وقد روى الرواة ما سمعوه منهم في صلواتهم (عليهم السلام).
ومن الروايات الواردة عن القنوت في هذه الشؤون:
عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ الْفَضْلِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (ع) عَمَّا أَقُولُ فِي وَتْرِي؟ فَقَالَ: مَا قَضَى اللَّهُ عَلَى لِسَانِكَ وَقَدَّرَهُ.
عَنِ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع) أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنِ الْقُنُوتِ، فِيهِ قَوْلٌ مَعْلُومٌ؟ فَقَالَ: أَثْنِ عَلَى رَبِّكَ، وَصَلِّ عَلَى نَبِيِّكَ، وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ.
عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي خَلَفٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع) قَالَ: يُجْزِيكَ فِي الْقُنُوتِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَعَافِنَا وَاعْفُ عَنَّا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) فِي حَدِيثٍ قَالَ: تَقُولُ فِي قُنُوتِ الْفَرِيضَةِ فِي الْأَيَّامِ كُلِّهَا إِلَّا فِي الْجُمُعَةِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِوُلْدِي وَأَهْلِ بَيْتِي وَإِخْوَانِيَ الْمُؤْمِنِينَ، فِيكَ الْيَقِينَ وَالْعَفْوَ وَالْمُعَافَاةَ وَالرَّحْمَةَ وَالْمَغْفِرَةَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
السيد محمود الموسوي
مقالات ذات صلة:
- هل للاستخارة بالقرآن أصل؟ - 2021/01/15
- هل حديث (تفاءلوا بالخير تجدوه) وارد عن أهل البيت (ع)؟ - 2021/01/15
- كيف يكون فرس الإمام الحسين هو فرس النبي؟ وهل تكلم الفرس؟ - 2020/09/02
- هل لمقولة عابس بن شبيب (حب الحسين أجنني) مصدر، وهل يصح معناها والدين يدعو للتعقل؟ - 2020/08/26
- هل ملك الموت اعتذر عن قبض روح الإمام الحسين (عليه السلام)؟ - 2020/08/25
أحدث المقالات - من جميع الأقسام:
- ما حقيقة رأي الشيخ الصدوق في الشهادة الثالثة وسهو النبي؟ - 2024/05/30
- إشكال في خمس الأجير والموظف - 2024/05/28
- ما تقولون في الخواجة ربيع، والخواجة مراد، وأبي الصلت الهروي؟ - 2024/05/28
- هل يُكره الإقامة في كربلاء أكثر من ثلاثة أيام؟ - 2023/08/23
- هل أن دعاء التوسل بالسيدة فاطمة والسر المستودع فيها، وارد عن أهل البيت؟ - 2022/09/13
مقالات متفرقة:
- هل يجوز حلق شعر الجسم؟ - 2010/08/10
- ما صحّت ما يقال أن الحسين صار كهيئة المحتضر عند وداع ولده علي الأكبر، وغارت عيناه في أم رأسه وأغمي عليه؟ - 2022/08/08
- الدورة الشهرية ، وسائل المرأة، والتوبة - 2010/08/10
- ما هي حقيقة إدعاء البعض أن الدعاء لا يكون إلا فردياً ولا يكون جماعياً؟ - 2014/08/01
- معنى عبارة (يا مرتاح) في دعاء الجوشن - 2012/03/09
المقالات الأكثر قراءة:
- ما معنى جوامع الكلم؟ - 2010/09/20 - قرأ 49294 مرُة
- معجم المؤلفين البحرينيين يترجم للسيد الموسوي - 2015/05/28 - قرأ 35988 مرُة
- هل في المرض أجر؟ وما صحة قولنا للمريض: أجر وعافية؟ - 2015/05/20 - قرأ 34449 مرُة
- لماذا نسجد على التربة الحسينية؟ - 2010/08/10 - قرأ 32736 مرُة
- مالذي يقصده الإمام الحسين من قوله: (لم أخرج أشراً ولا بطراً..) وهل لها انعكاس على الواقع الشخصي؟ - 2016/10/08 - قرأ 28812 مرُة
- بحث فقهي معاصر في حق الزوجة في المعاشرة - 2011/03/30 - قرأ 20546 مرُة
- ماهو واجبنا تجاه الامام المنتظر والاستعداد للظهور؟ - 2010/08/30 - قرأ 20318 مرُة
- ماذا تقولون في كلمة الإمام الحسين عليه السلام: خط الموت على ولد آدم.. - 2016/10/08 - قرأ 20152 مرُة
- السيرة الذاتية - 2010/08/08 - قرأ 20125 مرُة
- هل حديث (تفاءلوا بالخير تجدوه) وارد عن أهل البيت (ع)؟ - 2021/01/15 - قرأ 16390 مرُة