الزهراء وعظمة مصاب الإمام الحسين (عليه السلام) وولده
(وغيره أعظم منه..)
يروي ابن قولويه في كامل الزيارات، هذه الرواية العظيمة، التي تبيّن عظمة مأساة كربلاء، وعظمة بكاء سيدنا ومولاتنا الزهراء (عليها السلام) حول ما جرى فيها.
عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) أُحَدِّثُهُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ ابْنُهُ فَقَالَ لَهُ: مَرْحَباً وَضَمَّهُ وَقَبَّلَهُ.
وَقَالَ: حَقَّرَ اللَّهُ مَنْ حَقَّرَكُمْ، وَانْتَقَمَ مِمَّنْ وَتَرَكُمْ، وَخَذَلَ اللَّهُ مَنْ خَذَلَكُمْ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَكُمْ، وَكَانَ اللَّهُ لَكُمْ وَلِيّاً وَحَافِظاً وَنَاصِراً،
فَقَدْ طَالَ بُكَاءُ النِّسَاءِ وَبُكَاءُ الْأَنْبِيَاءِ- وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَمَلَائِكَةِ السَّمَاءِ.
ثُمَّ بَكَى وَقَالَ: يَا أَبَا بَصِيرٍ، إِذَا نَظَرْتُ إِلَى وُلْدِ الْحُسَيْنِ، أَتَانِي مَا لَا أَمْلِكُهُ بِمَا أَتَى إِلَى أَبِيهِمْ وَإِلَيْهِمْ.
يَا أَبَا بَصِيرٍ، إِنَّ فَاطِمَةَ (ع) لَتَبْكِيهِ وَتَشْهَقُ، فَتَزْفِرُ جَهَنَّمُ زَفْرَةً لَوْ لَا أَنَّ الْخَزَنَةَ يَسْمَعُونَ بُكَاءَهَا وقَدِ اسْتَعَدُّوا لِذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا عُنُقٌ- أَوْ يَشْرُدَ دُخَانُهَا فَيُحْرِقَ أَهْلَ الْأَرْضِ فَيَحْفَظُونَهَا [فَيَكْبَحُونَهَا] مَا دَامَتْ بَاكِيَةً، وَيَزْجُرُونَهَا وَيُوثِقُونَ مِنْ أَبْوَابِهَا مَخَافَةً عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ، فَلَا تَسْكُنُ حَتَّى يَسْكُنَ صَوْتُ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءَ.
وَإِنَّ الْبِحَارَ تَكَادُ أَنْ تَنْفَتِقَ فَيَدْخُلَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، وَمَا مِنْهَا قَطْرَةٌ إِلَّا بِهَا مَلَكٌ مُوَكَّلٌ، فَإِذَا سَمِعَ الْمَلَكُ صَوْتَهَا أَطْفَأَ نَارَهَا بِأَجْنِحَتِهِ وَحَبَسَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ مَخَافَةً عَلَى الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَمَنْ عَلَى الْأَرْضِ،
فَلَا تَزَالُ الْمَلَائِكَةُ مُشْفِقِينَ يَبْكُونَهُ لِبُكَائِهَا وَيَدْعُونَ اللَّهَ وَيَتَضَرَّعُونَ إِلَيْهِ، وَيَتَضَرَّعُ أَهْلُ الْعَرْشِ وَمَنْ حَوْلَهُ، وَتَرْتَفِعُ أَصْوَاتٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ بِالتَّقْدِيسِ لِلَّهِ مَخَافَةً عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ، وَلَوْ أَنَّ صَوْتاً مِنْ أَصْوَاتِهِمْ يَصِلُ إِلَى الْأَرْضِ، لَصَعِقَ أَهْلُ الْأَرْضِ وَتَقَطَّعَتِ الْجِبَالُ وَزُلْزِلَتِ الْأَرْضُ بِأَهْلِهَا.
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ عَظِيمٌ.
قَالَ: غَيْرُهُ أَعْظَمُ مِنْهُ مَا لَمْ تَسْمَعْهُ. ثُمَّ قَالَ لِي: يَا أَبَا بَصِيرٍ، أَمَا تُحِبُّ أَنْ تَكُونَ فِيمَنْ يُسْعِدُ فَاطِمَةَ (ع)؟
فَبَكَيْتُ حِينَ قَالَهَا فَمَا قَدَرْتُ عَلَى الْمَنْطِقِ، وَمَا قَدَرَ عَلَى كَلَامِي مِنَ الْبُكَاءِ، ثُمَّ قَامَ إِلَى الْمُصَلَّى يَدْعُو- فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، فَمَا انْتَفَعْتُ بِطَعَامٍ وَمَا جَاءَنِي النَّوْمُ وَأَصْبَحْتُ صَائِماً وَجِلًا حَتَّى أَتَيْتُهُ فَلَمَّا رَأَيْتُهُ قَدْ سَكَنَ سَكَنْتُ وَ حَمِدْتُ اللَّهَ حَيْثُ لَمْ تَنْزِلْ بِي عُقُوبَةٌ.
* كامل الزيارات، ص 82، ح 7.
مقالات ذات صلة:
- ما صحّت ما يقال أن الحسين صار كهيئة المحتضر عند وداع ولده علي الأكبر، وغارت عيناه في أم رأسه وأغمي عليه؟ - 2022/08/08
- متى قُتل العباس بن علي (ع) تحديداً؟ وهل هناك قول بأنه قُتل يوم التاسع وعلى أساسه يخصص البعض يوم التاسع للعباس.. - 2022/08/07
- نقلت الروايات أن الإمام الحسين لو ولد له مائة ولد لأسماهم باسم علي، فلماذا نجد له أولاداً بغير ذلك الاسم؟ - 2022/08/07
- من هو الأكبر الإمام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) أم علي بن الحسين الشهيد في كربلاء؟ - 2022/08/07
- عرفنا شأن محمد بن الحنفية، ولكن لماذا لم يرسل أبناءه لنصرة الإمام الحسين؟ - 2022/08/03
أحدث المقالات - من جميع الأقسام:
مقالات متفرقة:
المقالات الأكثر قراءة:
- ما معنى جوامع الكلم؟ - 2010/09/20 - قرأ 48807 مرُة
- معجم المؤلفين البحرينيين يترجم للسيد الموسوي - 2015/05/28 - قرأ 35928 مرُة
- هل في المرض أجر؟ وما صحة قولنا للمريض: أجر وعافية؟ - 2015/05/20 - قرأ 33194 مرُة
- لماذا نسجد على التربة الحسينية؟ - 2010/08/10 - قرأ 31449 مرُة
- مالذي يقصده الإمام الحسين من قوله: (لم أخرج أشراً ولا بطراً..) وهل لها انعكاس على الواقع الشخصي؟ - 2016/10/08 - قرأ 28357 مرُة
- بحث فقهي معاصر في حق الزوجة في المعاشرة - 2011/03/30 - قرأ 20471 مرُة
- السيرة الذاتية - 2010/08/08 - قرأ 19739 مرُة
- ماهو واجبنا تجاه الامام المنتظر والاستعداد للظهور؟ - 2010/08/30 - قرأ 19592 مرُة
- ماذا تقولون في كلمة الإمام الحسين عليه السلام: خط الموت على ولد آدم.. - 2016/10/08 - قرأ 19513 مرُة
- سورة الفيل وقريش - 2010/08/11 - قرأ 15792 مرُة