الجزء الأول من الحوار : .
السيد محمود الموسوي في ضيافة «الوفاق»
حاوره/ عماد الخزعلي *
كيف انبثقت فكرة اقامة مؤتمر القرآن الكريم..
- ان الفكرة الاساسية او الهدف الاساسي في تأسيس مؤتمر القرآن الكريم هو لاشاعة الثقافة القرآنية والسلوك القرآني وجعلها ضمن المتداولات العامة للمجتمع.. وبما ان القرآن الكريم هو المنطلق والبداية للاسس الحضارية التي تكون ملامح المجتمع الاسلامي المتقدم، لما يتصف به القرآن الكريم من ثبات في اصول منظومة القيم، ومن تكامل في فروع التشريع القانوني، واستيعاب لكافة المسارات الداعمة لتقدم الانسانية في تكوين حياتها الحضارية الطيبة، حيث قال الله سبحانه وتعالى «ويوم نبعث في كل امة شهيدا عليهم من انفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين» لهذا كان من الواجب ان تكون المفاهيم القرآنية حاضرة في حياة الناس من جميع الجوانب.. وبتوجيه من سماحة السيد محمد تقي المدرسي كفكرة عامة جاءت فكرة مؤتمر القرآن الكريم مع ان فكرة تاسيس مؤتمر القرآن الكريم بدأت في سوريا قبل «۲۲» سنة، ثم بعده بسنتين اقيم في دولة الكويت واستمر «۱۰» سنوات، بعدها احتظنت المملكة العربية السعودية المؤتمر واستمر «۴» سنوات.. واخيراً وليس آخر اقيم في دولة البحرين ولدورتين متتاليتين.
* ما هو الهدف العام من اقامة هذا المؤتمر؟
- الهدف العام من اقامة مؤتمر القرآن الكريم هو لاشاعة الثقافة القرآنية والصيغة القرآنية والمظاهر القرآنية في المجتمع الاسلامي.. باعتبار ان القرآن الكريم هو الموجه الاول.. وتجتمع فيه جميع الاطياف والملل.. فالجميع يتوحدون على مائدة القرآن الكريم.. من اجل التقاء اصحاب الفكر والرأي السديد ومن اجل المشاركة في بلورة اسهامات جديدة ذات نور الهي مشترك فيما بينهم، ونأمل ان يكون المؤتمر هو باكورة عمل في هذا الاتجاه، لتعززه المؤتمرات المتتالية.. اما من جهة التوصيات العملية للمؤتمر ففي هذه الدورة لم تتشكل لجنة عملية تأخذ على عاتقها تفعيل المفردات والمقترحات التي تنبثق منه، بل كان البديل لهذه اللجنة هو الورش العملية التي يتم من خلالها التواصل بين تكوينات ومجاميع العمل القرآني وشخصياته الفاعلة، لتبادل الخبرات ومناقشة سبل التطوير في العمل القرآني، وفقا للمتطلبات والتحديات الجديدة.. وهذه الورش تتألف من المؤسسات القرآنية العاملة في المجتمع والهيأت والجمعيات والشخصيات ذات العلاقة..
* هنالك بعض الآيات القرآنية تحمل على اكثر من تفسير وتأويل، ومن خلال هذه الآيات ينفذ الارهابيون والتفكيريون لتنفيذ اعمالهم الشيطانية تحت غطاء الاسلام.. ترى ما هي الحلول العملية للتصدي لمثل هذه الافعال الدموية التي يرفضها الاسلام بشكل قاطع؟
- في تصوري لكي نمنع اية جهة من الاستفادة من هذا الوضع لتنفيذ اغراضها الخاصة او الاغراض التدميرية، ولكي لا يفهم القرآن حسب هوى الشخص لابد من نقطتين.. النقطة الاولى هي فهم القرآن بشكل شمولي وان يكون مترابط ومتسلسل حسب السياق التأريخي والبيئة التي نزلت فيها الآية الكريمة لا ان يفهم جزئيا او بشكل مبتور عن سياقاته العامة وسياقاته التاريخية.. ويفسر حسب هوى الشخص وبالتالي تكون النتائج هي قتل النفس المحرمة.. علما ان القرآن يصدق بعضه.. بعضا. اما النقطة الثانية فهي لابد من وجود عاصم في فهم القرآن الكريم.. لان بعض الآيات لا يوجد لها عاصم يعصمها الا من اجتباهم الله سبحانه وتعالى وهؤلاء بمثابة صمام الامان لفهم القرآن الكريم لكن هنالك فئات لا يوجد عندهم مثل هذا العاصم او المعصوم الذي ابعد الله عنه الرجس وطهره تطهيرا حسب الآية.. لذلك يقعون في هذه الاشكالية.
* هل ثمة جدوى حقيقية من حوار الحضارات او حوار الاديان.. وبصورة ادق هل ان هذه الحوارات تتوفر فيها المعطيات الحقيقية لنجاحها؟
- عقلاء الدنيا والعالم اجمعوا على ان الحوار افضل من الصدام.. لانه «اي الحوار» يعد جهة تقريبية لابناء البشر ويساهم في توعيتهم وتثقيفهم.. لان البشر هم من نفس واحدة ولكنهم متعددين في الميول والتركيبة البشرية يعني اصل الخلق واحد ما موجود عندي موجود عند باقي البشر لكن المشكلة تكمن في نزوع النفس البشرية الى التحكم والامتلاك والسيطرة.. لذا فأن الحوار بين الحضارات ممكن جدا اذا توفرت فيه الشروط المطلوبة ولعل اهم هذه الشروط هي صدق النية.. ويمكن تقسيم الحوارات الى «سياسي، فكري، ثقافي» لان السياسة احياناً تسطو على بقية الجوانب الاخرى وهنا يكون الاختلاف والمقاطعة احيانا. وتعتمد الحوارات ايضا على نوع الموضوعات المختارة.. مثلا النظرة في قدسية بعض القيم.. فممكن ان نختلف في هذه النظرة لكننا نتفق احيانا في نظرة اخرى ويقيم اخرى واعتقد ان هنالك آيات قرآنية تشير الى امكانية اقامة علاقة مع الكفار الا في حالة خوض حوار فيه شرك بالله فذلك يدعي ترك الحوار او مغادرة الجلسة والمكان.
* بعض الدول العربية باتت تخشى اليوم من ايران في الوقت الذي تشعر بالامان مع اسرائيل.. عدو الاسلام الاول! ترى ما هو تعليقكم على ذلك؟
- الحقيقة ان هنالك سببين رئيسيين الاول هو المصالح السياسية وحسب مبدأ «الاضعف يتبع الاقوى» والسبب الثاني هو الاعلام القوي للغرب ولحلفاء الغرب هذا الاعلام الذي جعل الموازين مختلة لانه يزيف الحقائق وبالتالي يجعل من اسرائيل داعية للسلام ويجعل من ايران داعية للارهاب! لكن اعتقد ان الشعب العربي يعي هذه اللعبة جيداً ولا تنطوي عليه هكذا سيناريوهات مفبركة.. مع ذلك نحن نحتاج الى طفرة اعلامية كبيرة والى قنوات مؤثرة تتكلم بلسان الغرب لأنهم لا يقرأون او يسمعون الا من خلال لغتهم.
* هنالك روايات عديده تؤكد على ان الخروج وإقامة ثورات وانتفاضات في زمن الغيبة منهى عنها والنهي المشار اليه في زمان الغيبة؟
...كيف تقرآون هذه الروايات في الوقت الذي يتعرض فيه الاسلام الى هجمات منظمة من قبل اعداء الاسلام واعداء الانسانية؟ - إن الروايات التي تفضلت بذكرها وهي الواردة عن أهل بيت العصمة والطهارة، لا تناقض آيات القرآن ولا تناقض بقية الروايات الصادرة أيضاً عن أهل البيت عليهم السلام. فإن القرآن يدعو في كثير من آياته للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويدعو للجهاد في سبيل الله بشتى السبل الشرعية المقررة في الشرع المقّدس.. وكذلك الكثير من الروايات التي تأمر المسلم بأن يكون للمظلوم عوناً وللظالم خصماً وأن يجهاد في سبيل الله ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر لما يترتب عن ذلك من العواقب السلبية على حياة الإنسان. لذلك فإن التعارض لا يمكن أن يحصل بين روايات أهل البيت«ع»، والمقصود من الرايات في الروايات الناهية هي الرايات التي تدّعي الإمامة وتسير بإسم الإمام، لذلك فإن على الإنسان أن لا يحرك ساكناً في هذا الإتجاه، والمقصود بالجهاد هناك هو الغزو أو الجهاد الإبتدائي الذي يحتاج إلى إذن الإمام، أما سائر أنواع الجهاد كالدفاع عن المظلومين والتبرئ من الظالمين وعدم إعانتهم ومحاولة تغيير الواقع الفاسد إلى واقع صحيح ممكّن للقيم الدينية التي أردها الله، فذلك من بديهيات الدين ومن أسسه التي تورث العز كما في الحديث «جاهدوا تورثوا أبناءهم عزا».. ومن يفسر تلك الروايات بأنها تدعو للتقاعس، فذلك إما لإشتباه وعدم قراءة النصوص الدينية قراءة استيعابية وموضوعية تنظر لكافة الروايات، بأن تقتصر على روايات دون أخرى.. وإما بسبب الإنهزام واليأس من رحمة الله والإستسلام للواقع الفاسد وتبرير التقاعس.. ومن هنا أضع رواية واحدة والروايات كثيرة، وهي مروية عن الصادق«ع» في الكافي توضح هذه الأمور الملتبسة، وهي طويلة وتحتاج إلى تأمل.. ففيها الدلائل الواضحة و الردود الدامغة على كل من يدعي بأن باب الجهاد مقفل..
* اذا نلتقي ثانيه في الجزء الثاني من حوار الحضارات من على منبر الوفاق الثقافي...اتمنى ذلك ان يكون قريبا - ان شاء الله... سنلتقي بقراء صحيفه الوفاق قريبا جدا والجزء الثاني من حوار الحضارات... وللوفاق مني الف تحية.
أحدث المقالات - من جميع الأقسام:
- البصائر تنشر حوارا حول المذهب القيمي في التشريع مع المرجع المدرسي، بمشاركة السيد الموسوي - 2013/04/16
- لقاء مجلة الولاء مع السيد محمود الموسوي حول لإعلام الفضائي الحسيني - 2012/11/22
- السيد محمود الموسوي في حواره مع قناديل كربلاء.. يطرح معادلة متوازنة - 2012/11/17
- حوار مع السيد محمود الموسوي حول الحراك الجماهيري - 2011/11/13
- حوار مع السيد الموسوي: الحج وصياغة شخصية الإنسان - 2010/12/02
مقالات متفرقة:
المقالات الأكثر قراءة:
- ما معنى جوامع الكلم؟ - 2010/09/20 - قرأ 48823 مرُة
- معجم المؤلفين البحرينيين يترجم للسيد الموسوي - 2015/05/28 - قرأ 35928 مرُة
- هل في المرض أجر؟ وما صحة قولنا للمريض: أجر وعافية؟ - 2015/05/20 - قرأ 33233 مرُة
- لماذا نسجد على التربة الحسينية؟ - 2010/08/10 - قرأ 31476 مرُة
- مالذي يقصده الإمام الحسين من قوله: (لم أخرج أشراً ولا بطراً..) وهل لها انعكاس على الواقع الشخصي؟ - 2016/10/08 - قرأ 28371 مرُة
- بحث فقهي معاصر في حق الزوجة في المعاشرة - 2011/03/30 - قرأ 20474 مرُة
- السيرة الذاتية - 2010/08/08 - قرأ 19747 مرُة
- ماهو واجبنا تجاه الامام المنتظر والاستعداد للظهور؟ - 2010/08/30 - قرأ 19616 مرُة
- ماذا تقولون في كلمة الإمام الحسين عليه السلام: خط الموت على ولد آدم.. - 2016/10/08 - قرأ 19533 مرُة
- سورة الفيل وقريش - 2010/08/11 - قرأ 15799 مرُة