شارك السيد محمود الموسوي في تحقيق أجرته الصحفية منى حبيل في صحيفة الوطن البحرينية في عددها رقم 20 ، الصادر في 30 ديسمبر 2005 ، حول البرمجة اللغوية العصبية.[b>تحدد خريطة الإنسان النفسية و مكامن قوته .. هل تنظف البرمجة اللغوية العقل الباطن من ترسبات الماضي؟[/b>
.
كتبت - منى حبيل:
أكثر من (٠٩٪ )من قيم الإنسان تتكون خلال السبع سنوات الأولى من عمره،وكذلك أكثر من (٥٩٪) ؟من برمجته العاطفية والاعتقادات،و علم البرمجة اللغوية العصبية؟ وظف هذه الحقائق والأرقام و عمد الى استثمار حقيقة ان العقل يدعم الانسان باستمرار في كل ما يفعله والى ابعد الحدود.
والمتابع لسير هذه العلوم يرصد مدى توسعها على الرغم من وجود من يشكك بها أو يتحفظ عليها وحتى يحرمها الا أن الواقع ينم عن زيادة مرتاديها يوما بعد يوم.. ترى هل تحولت مجتمعاتنا حقا الى وعاء يستقبل كل جديد حتى لو كان يمس الدين،وهل كل ما يستورد من ''الخواجات ''ينفعنا ولا غبار عليه؟ هل علوم البرمجة اللغوية العصبية تتعارض مع مبادئ الدين ام تتناغم معه ببساطة ؟ و ما مدى جودة الدورات المطروحة وتناسب اسعارها الباهظة ؟ وكيف تحولت البرمجة اللغوية العصبية من توعية الناس الى الضحك على العقول ونهب الجيوب؟ وهل حقا البرمجة علاج لكل مشاكلنا النفسية ؟يرى مجدي عبيد مدرب معتمد في البرمجة اللغوية العصبية بالمركز الكندي أن البرمجة من أقوى علوم التنمية البشرية وهي ليست شئا مستحدثا فاغلبها متوافر في اصول الدين الاسلامي، وهو علم غربي أوجده رتشارد باندلر عالم رياضيات و دارس لعلم النفس السلوكي وجون جرندر عالم لغويات، والهدف منه هو دراسة نماذج من الشخصيات الناجحة والتعرف على استراتيجيتهم ومن ثم تطبيقها على الآخرين الذين يبتغون النجاح .
ويضيف: ''كل شخص منا لديه برمجة لغوية عصبية خاصة منذ ولادته ثم يتلقى برمجة من والديه وبعدها من المحيط الخارجي''.
وفي توضيح للبرمجة اللغوية يقول مجدي: '' البرمجة اللغوية العصبية عبارة عن مجموعة عادات و افكار وخبرات تم اكتسابها من المحيط بالإضافة للخبرات الشخصية،أما كلمة اللغوية فتعبر عن وسيلة الاتصال سواء كانت لفظية كلمات وعبارات او غير لفظية من تعابير وجه وحركات جسد و فيها يستخدم الجهاز العصبي فسميت البرمجة اللغوية العصبية او هندسة النجاح كما يلقبها د. محمد التكريتي لانها وبكل بساطة ترشدك لطرق النجاح''.
وعن جداواها يقول : ''نحن لا نملك عصا الساحر ولا نستعين بالجن ليحول عالمك لحياة وردية خالية من المنغصات (ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم) ''آية ١١سورة الرعد'' وكذلك لا نضحك على العقول الساذجة فرواد البرمجة اليوم اطباء ومشايخ دين ومثقفون دخلوا الدورات للمعرفة والسيطرة على الضغوط النفسية التى يتعرضون لها والأمراض التيقد تنتج عنها كالسرطانات والجلطات، قرحة المعدة، الضغط والسكري''.
يواصل مجدي: '' و العلماء يؤكدون أن ٥٤ ٪ من الأمراض السابقة لها صلة كبيرة بالتوتر والاكتئاب و٠٩٪ من حالات الصداع منشؤها نفسي، و قوة الاعتقاد لدى الافراد تخلق بداخلهم دافعية نحو النجاح او السقوط فالكثير من الدراسات تثبت امكانية معالجة الامراض المستعصية والنفسية باساليب غير طبية معتمدة على الايحاءات الايجابية فقط، تصلنا يوميا ٠٥٪ ايحاءات سلبية من الخارج و يتلقى الطفل ٤٨١ الف رسالة سلبية من الوالدين تخلق شخصية فاشلة، مهزوزة و عديمه الثقة''.
[b>تجربة نجاح[/b>
نستشهد بتجربة نور علي احمد طالبة (٣٢ سنة) جامعية حاصلة على دبلوم البرمجة، تقول:'' كنت أدرك أساليب البرمجة في حياتي ولكن بصورة غير مباشرة من تربيتي المحافظة ولكن بعد الدبلوم اتضحت الاموربمصطلحات كالتفاؤل و الهدوء تحت مسمى التفكير الايجابي، والسعي لتطوير الذات والثقة بالنفس كمفتاح للنجاح فالبرمجة علم نظرياته مستمدة من بساتين العلوم''.
وبدأت تجربة نور مع البرمجة عندما توجهت لاحد مراكز الاستشارة لحل مشكلة نفسية تؤرقها منذ كانت فى الـخامسة من عمرها ، وكانت مصابة بخوف من سماع أصوات ارتطام الاجساد او الضرب ولا يمكنها مشاهدة المواقف أو حتى البقاء في المكان فالذعر يملؤها.
هذه المشكلة يصفها البعض بالعابرة والبسيطة ولكنها جزء من مخزون العقل الباطن المتحكم في التفكير والمشاعر والسلوكيات، مما اخذ في نفسها حاجز لا يمكن كسره.
تقول نور: '' تعرفت على مركز الاستشراق صدفة من خلال بيت السلام الاجتماعي وبعد ذلك دخلت جلسة كان أساسها الاسترخاء التام و استحضار الموقف بالصورة ومشاعر الالم المصاحبة وبالفعل استحضرت الصورة وحولتها الى نقطة بناء على طلب المدرب ومن ثم إحراقها ليختفي الالم والصورة في طي نسيان،ولا أنكر مدى فعالية البرمجة اللغوية العصبية في حل المشكلة لأنها اعتمدت في المقام الأول على الإيحاء وليس الوهم الذي يشاع عنه فالإيحاء ينقلك للموقف لتعالجه في الماضي فأنت تسعى لتنظيف العقل الباطن من جميع الترسبات والمشاعر السلبية التى تؤثر عليك، تعلمت من البرمجة سمة الدبلوماسية في التعامل مع الآخرين والايجابية والسعي لخدمتهم دون ترك اي نقطة سلبية ترتسم في عقلهم الباطن عني''.
[b>أسعار خيالية[/b>
يقول مجدي عبيد : '' تقول النظرية لابد أن تدفع كثيرا حتى تعي أهمية العلم ،وعندما تتأمل الفوائد المرجوة تجدها ضعف قيمتها، نحن لا ننكر غلاء الدورات ولكننا مطالبين بتغطية نفقات عديدة منها أن معظم المدربين والمحاضرين في الدورات على مستوى عالمي من الثقافة كالدكتور إبراهيم الفقي ، فالمحاضر يكلفنا الإقامة والإعلانات، مكان العرض كالفنادق أو الصالات وجميعها تخصم من رسوم الدورة''.
ويضيف :'' ان ظهور مجموعة من المبتدئين والحاملين شهادة دبلوم يروجون لدورات بأسعار خيالية بغرض التجارة و الضحك على الناس واغلبهم لا يملكون ترخيص من وزارة العمل وغالبا ما يعملون في الخفاء، أن التجارة في البرمجة اللغوية العصبية عملية خاسرة لأنها معتمدة في المقام الأول على صورة المدرب وشخصيته المتزنة من جميع الجوانب الصحية والنفسية والعائلية والدينية فليس من المعقول أن يدرب احدهم وهو لا يزال موظف صغير أو مطلق فالمدرب صورة مثالية لإنسان ناجح فكيف لا يجيد القبطان السباحة ؟!''.
ويختم حديثه بقوله :'' نحن في حاجة ماسة لعلوم البرمجة وخصوصا في البحرين فلا يزال أهلها يربطونها بالأعصاب أو ببرمجة الحاسب الآلي لأنها وصلت الينا متأخرة مقارنة بالسعودية والكويت، آلاف من الأجيال تتخرج من مدارسنا وهم محملون بالعقد النفسية وكره الدراسة،و انعدام الثقة بالنفس واليأس من الحياة، الفراغ و الضياع وكل ذلك سببه جهل المدرسين لطرق التعامل السليمة ، فترى المدرس يوبخ الطالب ويقلل من شانه،و يمنعه من المحاورة متعللا بالمقررات الدراسية ،و نحن نطالب الوزارة بضرورة إدخال البرمجة لمقرراتنا وتدريسها للمعلمين قبل الطلبة لمنع زيادة المشاكل النفسية للاجيال قادمة''.
[b>العودة إلى الحياة بعد الانتحار[/b>
تجربة علي مجيد الشيخ إبراهيم آل مبارك ٨١ سنة طالب حاصل على دبلوم برمجة، تجربته سلطت الضوء على أهمية البرمجة في تغيير الحياة، فبالأمس كان ذلك الشاب الفاشل في دراسته والذي لم يحالفه الحظ لمدة ٣ سنوات بالصف الثاني إعدادي ذو الشخصية الانطوائية والمهزوزة و الذي حاول الانتحار هو اليوم شخصية قوية لشاب مفعم بالحياة بعد دخوله الدبلوم فأيامه مختلفة تماما فخطواته عادت للامس ولكن بروح التجديد والثقة بالنفس ليعيد الصف الثاني إعدادي وينصح اخوته الشباب بالإقبال على البرمجة لأنها ترسم مسار حياتك من جديد.
[b>السيد محمود الموسوي[/b> يشرح نظرته لعلوم البرمجة اللغوية العصبية بقوله: ''لا نشكل رأياً رافضاً لمجمل البرمجة، وإنما ندعو إلى عدم الانبهار بالشعارات التي يغلب عليها الجانب التسويقي على الجانب العلمي، فالدين لا يقف أمام كم هائل من التعليمات والتقنيات موقف الرافض أو القابل لها بالجملة، لكن لابد من التفحّص والدراسة التفصيلية، خصوصاً للمنشأ الفلسفي لبعض التوجيهات والطرق العلاجية،والبرمجة بحسب ما يطرح هو علم هندسة النجاح أو حسب ما يعبر آخرون أنه خارطة الإنسان في تفكيره وسلوكه ، وهذا ادعاء خطير، فبينما نحن ندّعي بأن الدين وتعاليم القرآن وإرشادات النبي تحتوي على أفضل هندسة لنجاح الإنسان، وأكثر ما يعترض عليه هو التعامل مع هذا العلم معاملة المسلمات، في الوقت الذي يطرح في الغرب على أساس فلسفي ويدرس بدقة، فعلى سبيل المثال '' مايكل هيب'' عالم النفس السريري بجامعة شفيلد البريطانية قدم بحثا انتهى فيه إلى افتقار البرمجة للأدلة الموضوعية لإثبات ادعاءاتها وأيضاً محاولة أسلمة بعض المهارات بصورة غير صحيحة ، لأن الأسلمة تحتاج إلى معرفة بعلوم الدين بنسبة ما ،و تحتاج البرمجة إلى مزيد من الاختبارات المعرفية من جهة وفاعليتها من جهة أخرى ، و لا ننفى الاستفادة من بعض المهارات المطروحة الجيدة و المؤثّرة على الأخص ما يطرح في المرحلة الأولى .
العديد من التقارير ومن ضمنها تقارير المركز البحثي التابع للجيش الأمريكي عند دراسته للإدعاءات في تنمية القدرة البشرية أجمعت على أنه ليس هناك شواهد علمية لدعم الادعاء بأن الـبرمجة استراتيجية فاعلة للتأثير في الآخرين، ينبغي أن يعرف الناس بعض المعلومات ليكونوا أمام رؤية واضحة ومتكاملة فأكبر الفئات المتبنية له في العالم هي حركة ''النيو اييج'' العصر الجديد، و دعاة عبادة قوى النفس ''الشامانيون الجدد '' وهم من حركات الوثنية الجديدة في الغرب، إضافة إلى أن الدكتور (شيلي كرابو) استاذ علم النفس بجامعة يوتا بأمريكا بعد أن مارس التسويق للبرمجة سنوات طويلة رجع ورفضها، لعدّة ملاحظات موجزها هي حول شخصية أحد المؤسسين وسلوكياته التي حوكم عليها، التشكيك في صدقية الأثر وقوّته، أن العلم لا يزيد في الناجحين بل يزيد في عدد المدرّبين، أعرض هذه المعلومات لأنه لايوجد أحد يعرضها ولكي يكون هناك توازن في فهمنا للبرمجة ولكي تكون ضمن دائرة مداخلات الدارسين.
وفيما يتعلق بالايحاء وما يدور حولها من شائعات فالإيحاء يستخدم لعلاج بعض الأمراض ولكون المريض يعالج من مشكلة مزمنة لديه، فهنا من السائغ للمعالج أن يستخدم تقنيات الإيحاء لعلاجه ما لم يستخدم شيئاً محظوراً من قبل الدين،أما إذا استخدمها الخطيب في خطاباته معتمداً عليها في اقناع الناس بالفكرة فهذا نوع من الخداع على الناس، وقد لاحظ البعض بالفعل على شاشات التلفزيون وغيرها يعتمدون على التأثيرات العامة للبرمجة وعلى الإيحاء بصورة خاصّة لإقناع الناس بأفكار فيها من الخطأ الشيء الكثير كما وتفتقر للدليل العلمي، فما ينبغي ملاحظته بشكل دقيق بهذا الصدد أن مهارات الجذب في الخطابة هي لجذب المستمع والمتلقي للفكرة ولكي ينبه للدليل، فيراه بوضوح ليحكم عقله، لا أن تستخدم بدلاً من الدليل العلمي للفكرة لإقناع الناس بإحائيات.
ص.ر. عزباء تبلغ من العمر (٠٣ عاما)و تعمل موظفة باحد الدوائر الحكومية، كانت تعاني منذ ٥١ سنة من القلق والاكتئاب وفي الـ ٣ السنوات الاخيرة تعرضت لصدمة وانهيار عصبي اثر موت جدتها المفاجئ و تلقيها نبا موت السيد الحكيم مما اثر فيها بشكل كبير وجعلها عرضة للخوف من مجرد ذكر الموت، تحولت بعدها الى انسانة انطوائية شاحبة الوجه وعديمة الثقة بالاخرين معتقدة بوجود قوة غامضة تسيطر عليها، فتراجع اداؤها الوظيفي والاسري وعزفت عن قيادة السيارة او المشاركة في الفعاليات الثقافية في المنطقة، لتتوجه بعدها الى الطب النفسي ومن ثم توجهت الى الاستشاري صلاح الخواجة.
ركز الاستشاري على سيطرة الرسائل السلبية على المريض من خلال تفكيره وعجزه عن التمتع بحياة طبيعية ومن انتقادات المحيطين التي تلعب دورا في تدهور الوضع ، ويقول: ''اكثر المناطق حساسية في تكوين الانسان الجانب الروحي والعقائدي فلابد من حسن تسخيرها في علاج المريض، أن الاساليب المستخدمة والتى اشبهها بالخلطة السرية و هي استخدام تقنية العلاج بخط الزمن و الطب السلوكي المعتمدة على مجموعة من الاسئلة السلوكية ليتم التعرف على حالة المريض كجزء من العلاج، فالاستشاري الماهر من يتقن ازالة المشاعر والصورة فتنتهي المشكلة نهائيا'.'.
[b>الإنسان طبيب نفسه[/b>
اما د.طارق العداوي طبيب نفسي فيرى أن المريض هو الوحيد القادر على حل مشكلته فكلما كان الطبيب قريبا من اعتقادات المريض سهل علاجه، فالبرمجة اللغوية العصبية تنفع في علاج بعض الحالات النفسية كالخوف والقلق من خلال الايحاء و لا يعني ذلك قدرتها على معالجة الامراض النفسية ذات الخلل الكيمائي مثل الوسواس القهري الشديد، انفصام الشخصية،فهي لا تتعارض مع الطب النفسي فكل علم مكمل للاخر . بين الرفض والقبول وتعدد الاراء والتجارب دخلت البرمجة اللغوية العصبية في سجال مع الدين و الطب النفسي.
مقالات ذات صلة:
أحدث المقالات - من جميع الأقسام:
مقالات متفرقة:
- غريبي مراد: تقاسمت مع السيد محمود الموسوي متعة القرآءة والكتابة منذ عشر سنوات - 2010/06/24
- لقاء مطوّل حول مناهج الحوزة العلمية - 2024/10/09
- ممثلية المرجع المدرسي تقيم مجلس تعزية لروح والدة المرجع المدرسي - 2010/08/23
- تقرير مصور لمؤتمر القرآن الكريم ـ الدورة الرابعة - 2010/05/22
- الموسوي يروي تجربته مع القراءة والكتابة في كتاب آل حمادة - 2010/08/23
المقالات الأكثر قراءة:
- ما معنى جوامع الكلم؟ - 2010/09/20 - قرأ 49032 مرُة
- معجم المؤلفين البحرينيين يترجم للسيد الموسوي - 2015/05/28 - قرأ 35949 مرُة
- هل في المرض أجر؟ وما صحة قولنا للمريض: أجر وعافية؟ - 2015/05/20 - قرأ 33883 مرُة
- لماذا نسجد على التربة الحسينية؟ - 2010/08/10 - قرأ 32133 مرُة
- مالذي يقصده الإمام الحسين من قوله: (لم أخرج أشراً ولا بطراً..) وهل لها انعكاس على الواقع الشخصي؟ - 2016/10/08 - قرأ 28592 مرُة
- بحث فقهي معاصر في حق الزوجة في المعاشرة - 2011/03/30 - قرأ 20507 مرُة
- ماهو واجبنا تجاه الامام المنتظر والاستعداد للظهور؟ - 2010/08/30 - قرأ 20049 مرُة
- السيرة الذاتية - 2010/08/08 - قرأ 19920 مرُة
- ماذا تقولون في كلمة الإمام الحسين عليه السلام: خط الموت على ولد آدم.. - 2016/10/08 - قرأ 19856 مرُة
- سورة الفيل وقريش - 2010/08/11 - قرأ 15919 مرُة