نعزي صاحب العصر والزمان الإمام الحجة المنتظر (عجل الله فرجه)و جميع المسلمين بإستشهاد سيدتنا فاطمة الزهراء عليها السلام.
وبهذه المناسبة ألقى السيد محمود الموسوي كلمة حول الزهراء (ع) ، تحت عنوان زيارة لبيت فاطمة (ع) ، في مجلسه ليلة الخميس 7/6/2006م .
ونورد ملخصها ، وستدرج لاحقاً في المكتبة الصوتية المحاضرة كاملة. [b>زيارة قصيرة لبيت فاطمة (عليها السلام)
لم يولد العظماء فجأة ومن دون سابق جهد ، فإن كل عظيم لابد أن يكون قد سار في طريق الكمال وعايش الفضائل وتربّى على منهاج العظمة ..
وعندما نريد أن نتعرّف على عظمة سيدتنا فاطمة الزهراء (عليها السلام) ، فإننا لابد أن نقتفي آثار التاريخ في مسيرتها ، ومن تلك المسيرة الحافلة رغم قصرها الزمني ، إلا أننا نقف أمام كنز هائل من الفضائل والكرامات في يومياتها عليها السلام ، ويممكننا أن نطل طلّة سريعة على تلك اليوميات ، بأن نقوم بزيارة سريعة لبيت فاطمة وعلي (ع) لنبصر آثار العظمة ونقتبس من نورها شعاعاً يضيء حياتنا ودربنا ، فهي قدوة القدوات (لأنها حجة الله على الحجج) فكيف بنا نحن ألا تكون لنا قدوة وأسوة ؟
لذلك نطرق باب فاطمة الزهراء ، بكل خشوع ، ونقوم بزيارة سريعة تستضيفنا سلام الله عليها بفضائلها وكراماتها .. عبر قراءتنا لرواية يرويها الإمام الصادق عليه السلام ، ونستلهم منها العبر والدروس ..
[b>توزيع الأدوار في العائلة[/b>
قال الإمام الصادق (ع) :
[b>(إن فاطمة عليها السلام ضمنت لعلي عليه السلام عمل البيت والعجين والخبز وقمّ البيت ، وضمن لها علي عليه السلام ما كان خلف الباب : نقل الحطب ، وأن يجئ بالطعام ..)[/b>
النظام السائد في بيت الزهراء هو توزيع الأدوار بين الزوج وزوجته ، حيث يقوم البيت العائلي على جهود الطرفين ، كل يأخذ الدور الذي يناسب طبيعته ، فالزوجة عليها إدارة البيت من الداخل ، والزوج يتكفّل بإلإدارة الخارجية ، وهذا ما يتناسب وفطرة الإنسان .. حيث أن كل من يقوم بتغيير هذا النظام فإنه سيتحمّل آثاراً سلبية نتيجة هذا التغيير ، أو أنه سيحتاج إلى جهود إضافية لتعديل الميزان بحيث لا يحدث أي خلل في نظام الأسرة .. ولكي لا تتأثر إدارة البيت الداخلية ولا تتأثر تربية الأولاد وما شابه ذلك ..
[b> الصبر مع الزوج ومراعاته [/b>
ويتم الإمام الصادق القصة فيقول :
[b>(فقال لها يوماً : يا فاطمة هل عندك شئ ؟ قالت : لا والذي عظّم حقّك ما كان عندنا منذ ثلاثة أيام نقريك ،
قال : أفلا أخبرتني؟
قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وآله نهاني أن أسألك شيئاً ، فقال (ص): لا تسألي ابن عمك شيئاً ، إن جاءك بشئ عفواً وإلا فلا تسأليه ،..).[/b>
على ما يبدو أن الزمان كان زمان فقر وفاقة يمر على المسلين بشكل عام ، وهذا ما نستوضحه من بقية القصة فيما بعد ، ولذلك فإن الرسول الأعظم (ص) كان قد أوصى الزهراء (ع) بأن تتحمّل الظروف التي يمر بها زوجها ولا تقوم حتى بطلب أبسط الأمور ، وهو مأونة المنزل ..
في الظروف الطبيعية الزوجة كما ذكرنا هي المسئولة عن داخل البيت ، إلإ أن مسئوليتها قد تصطدم بحالة أخلاقية عظيمة هي مراعاة ظروف الزوج ، وعدم المساهمة في زيادة الأثر حتى على المستوى النفسي (عبر الطلب) .. فترضى بما جاء به بشكل عفوي وتقبل بالوضع ، وقوفاً مع شريك حياتها لتخطّي المحنة معاً ، وهذه مأثرة كبيرة عاشتها الزهراء في بعض الظروف مع الإمام علي (ع) .. لتكوّن منهاجاً للنساء في تعاملهن مع ظروف أزواجهن.
[b> السعي والإيثار [/b>
وأكمل الإمام الصادق (ع) القصّة قائلاً :
[b>(قال : فخرج عليه السلام فلقي رجلاً فاستقرض منه ديناراً ، ثم أقبل به وقد أمسى ، فلقي المقداد بن الأسود فقال للمقداد : ما أخرجك في هذه الساعة ؟
قال : الجوع ، والذي عظّم حقك يا أمير المؤمنين ،
قال : فهو أخرجني وقد استقرضت ديناراً وسأؤثرك به ، فدفعه إليه ..).[/b>
ما فعله الإمام علي (ع) هو السعي وبذل الجهد لتوفير احتياجات العائلة الأساسية ، ولو كان ذلك بالإقتراض .. وهذه هي الثقافة التي كانت سائدة عند المسلمين ، حيث خروج المقداد لنفس الغرض ، وهي تعاليم الدين الإسلامي الذي يدعو الناس للسعي وبذل الجهد للحصول على قوت يومهم ، لا التجمّد و انتظار الفرج والإتكالية على الغير.. فالتوفيق لا يأتي إلا عندما يجد الله تعالى من الانسان جهداً مبذولاً ..
ومع الحاجة الماسّة التي كانت آنذاك ، إلا أن الإمام علي (ع) ضرب لنا أروع مثل في حسن الظن بالله والتوكّل عليه ، حيث آثر حاجة المقداد على حاجته .. وأعطاه كل ما يملك .. وهو في حاجة إليه .. لكن هذه المواقف الخالصة ينظر إليها الله تعالى بشكل خاص ، ويبعث فيها البركة وينزل عليها التوفيق السريع ..
[b>بيت فاطمة موضع الكرامات[/b>
وأتم الإمام الصادق القصّة بقوله :
[b>(فأقبل ـ أي الإمام علي ـ فوجد رسول الله صلى الله عليه وآله جالساً وفاطمة تصلي وبينهما شئ مغطّى ، فلما فرغت أحضرت ذلك الشيء ، فإذا جفنة من خبز ولحم ،
قال : يا فاطمة أنّى لك هذا؟
قالت : هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب ،
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : ألا أحدثك بمثلك ومثلها ؟
قال : بلى ،
قال : مثل زكريا إذا دخل على مريم المحراب فوجد عندها رزقا قال : يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب ،
فأكلوا منها شهراً وهي الجفنة التي يأكل منها القائم عليه السلام وهو عنده .
وفي نسخة (وهو عندنا).[/b>
فهنا تجلّت آثار الثقة بالله التي أبداها الإمام علي (ع) ، وآثار الصبر ومراعاة الزوج من قبل فاطمة الزهراء (ع) .. حيث كانت هذه الفضائل بعين الله تعالى ، فأنزل مائدته عليهم .. لتكون لهم فضيلة من الفضائل ،و كرامة من الكرامات .. وبذلك تتجلّى لنا العظمة في بيت فاطمة ، ليكون هذا البيت المنير أسوة لكل بيت.
مقالات ذات صلة:
أحدث المقالات - من جميع الأقسام:
مقالات متفرقة:
المقالات الأكثر قراءة:
- ما معنى جوامع الكلم؟ - 2010/09/20 - قرأ 48823 مرُة
- معجم المؤلفين البحرينيين يترجم للسيد الموسوي - 2015/05/28 - قرأ 35928 مرُة
- هل في المرض أجر؟ وما صحة قولنا للمريض: أجر وعافية؟ - 2015/05/20 - قرأ 33233 مرُة
- لماذا نسجد على التربة الحسينية؟ - 2010/08/10 - قرأ 31476 مرُة
- مالذي يقصده الإمام الحسين من قوله: (لم أخرج أشراً ولا بطراً..) وهل لها انعكاس على الواقع الشخصي؟ - 2016/10/08 - قرأ 28371 مرُة
- بحث فقهي معاصر في حق الزوجة في المعاشرة - 2011/03/30 - قرأ 20474 مرُة
- السيرة الذاتية - 2010/08/08 - قرأ 19747 مرُة
- ماهو واجبنا تجاه الامام المنتظر والاستعداد للظهور؟ - 2010/08/30 - قرأ 19616 مرُة
- ماذا تقولون في كلمة الإمام الحسين عليه السلام: خط الموت على ولد آدم.. - 2016/10/08 - قرأ 19533 مرُة
- سورة الفيل وقريش - 2010/08/11 - قرأ 15799 مرُة