سأسلط الضوء على رؤية المفكر الأمريكي فرانسيس فوكوياما ومقاله (الجائجة والنظام السياسي).. وما يهمني فيه هي قراءة الأبعاد الفكرية..
1- فرانسيس فوكوياما الذي أحدث ضجة في عقول بعض المثقفين وبعض المسوّقين للعلمانية الغربية، في بدايات عقد التسعينات من القرن المنصرم، بنظريته (نهاية التاريخ والإنسان الأخير)، يعود في مقالة له للحديث عن المشهد العالمي أثناء وبعد جائحة كورونا.
2- من المعلوم أن فوكوياما ليس من المفكرين المستقلين، لارتباطه الوظيفي بجانب التخطيط الأمريكي، ولهذا اعتبر البعض نظريته بأنها لا تحمل شعوراً بريئاً، ولا موضوعياً، بل أخذت منحى تبشيرياً لما ينبغي أن تكون عليه السياسة العالمية والتوجّه المستقبلي.
أفينبغي النظر لرؤيته من هذا الاتجاه؟
3- قد يكون، أو لا أقل يمكن التعرّف على طبيعة التفكير في الأروقة الغربية من خلال ما يطرحه، ولقد استمعنا للكثير من المثقفين والمفكرين بل والهواة الغربيين لتفسير واقع جائحة كورونا، وبالتالي طبيعة نظرتهم المستقبلية.
4- فهناك من أسرف في التصورات الخيالية بأن اعتبر الجائحة تخطيطاً متقناً وحظي بتطبيق أكثر إتقاناً أمام أمم مسلوبة الإرادة بكاملها، وبالتالي نهايات حتمية مرسومة. وبعض اتهم جهة بعينها للوصول إلى مكاسب أو إحداث فجوة لبدايات جديدة، وبعض أوعز الأمر للأخطاء البشرية والتهاون.
5- وفوكوياما ربما يكون أكثر واقعية من الحالمين، إلا أنه يبقى غير بريء في طرحه الجديد أيضاً، كما أنه بصورة أو بأخرى نقض نظريته السابقة مبشراً بتآكل الليبرالية، واتجه نحو تغيير المقاييس التي اعتمدها في التبشير بالإنسان الأخير.
6- القيم الجديدة التي أوعز فوكويا إليها نجاح الدول في مواجهة الوباء وبالتالي في عرض مثال ناجح، هي ثلاثية (قدرة الدولة، الثقة الاجتماعية، القيادة). ضارباً بعامل الديمقراطية الليبرالية عرض الحائط بعد أن كان القيمة الأساس في صياغة نظريته.
7- لا يسعنا مناقشة كل ما جاء في أطروحة فوكوياما الجديدة، ولكننا نشير إلى ثلاثة أبعاد: الأول: (عامل تغيّر القيم) وهذا ما يهدم الثقة في الأسس الفكرية، فالقيم لابد أن تكون من الثوابت التي يقاس عليها كل متغير.
8- الثاني: إيعازه نجاح بعض الدول إلى (الثقة) بين الدولة والمجتمع، متجاهلاً (وعي المجتمع نفسه). ويبدو أن هذه النزعة غير الموضوعية هي نكاية في معارضته للرئيس (ترامب).
الثالث: لقد بدت نظرة فوكوياما بعيدة عن الوثوقية ومليئة بالاحتمالات القاتمة للمستقبل.
9- وفي الختام: ينبغي أن نتساءل هل نظرة فوكوياما الجديدة تعبّر عن الأورقة الفكرية في الولايات المتحدة؟ وبالتالي يمكن التكهّن بطبيعة التوجه العالمي الجديد؟
لعله ذلك. إلا أننا نثق (بالسنن الإلهية) وبعامل (الإرادة المجتمعية) في صياغة المستقبليات.
السيد محمود الموسوي
تدوينات في تويتر
@mmosawy
مقالات ذات صلة:
أحدث المقالات - من جميع الأقسام:
مقالات متفرقة:
المقالات الأكثر قراءة:
- ما معنى جوامع الكلم؟ - 2010/09/20 - قرأ 48807 مرُة
- معجم المؤلفين البحرينيين يترجم للسيد الموسوي - 2015/05/28 - قرأ 35927 مرُة
- هل في المرض أجر؟ وما صحة قولنا للمريض: أجر وعافية؟ - 2015/05/20 - قرأ 33194 مرُة
- لماذا نسجد على التربة الحسينية؟ - 2010/08/10 - قرأ 31449 مرُة
- مالذي يقصده الإمام الحسين من قوله: (لم أخرج أشراً ولا بطراً..) وهل لها انعكاس على الواقع الشخصي؟ - 2016/10/08 - قرأ 28357 مرُة
- بحث فقهي معاصر في حق الزوجة في المعاشرة - 2011/03/30 - قرأ 20471 مرُة
- السيرة الذاتية - 2010/08/08 - قرأ 19739 مرُة
- ماهو واجبنا تجاه الامام المنتظر والاستعداد للظهور؟ - 2010/08/30 - قرأ 19592 مرُة
- ماذا تقولون في كلمة الإمام الحسين عليه السلام: خط الموت على ولد آدم.. - 2016/10/08 - قرأ 19513 مرُة
- سورة الفيل وقريش - 2010/08/11 - قرأ 15792 مرُة