كتاب زيارة الإمام الحسين (ع) في جريدة الوقت

عرضت جريدة الوقت البحرينية في عددها الصادر يوم الجمعة 22/1/2010م مراجعة لكتاب "زيارة الإمام الحسين سماتها الربانية وآفاقها التربوية"، بمناسبة صدوره.

 

وذلك1264189981 في صفحة إشراقات الأسبوعية التي يحررها الكاتب نارد المتروك.

نص المراجعة

زيارة الحسين.. طقس عبادي تعدّدت وظائفه

.

 

يُمثّل طقْس الزيارة واحداً من أهم الممارسات التي ارتبطت بأشكال الولاءوالارتباط بالإمام الحسين بن علي. وقد أُحيط هذا الطقس بالكثير من العَلامات، ولمتقتصر على البُعد العبادي أو الولاء العقيدي بشخصية الحسين، بل تجاوزت ذلك لتتداخلفيها التعبيرات السياسيّة والصّراعات العقائديّة والمذهبيّة القائمة. وقد يكونالشيخ محمد مهدي شمس الدّين ''2002م'' من أوائل منْ بحث هذا الموضوع بتوسّع فيكتابه ''ثورة الحسين في الوجدان الشعبي''، حيث تناول زيارة الحسين من الناحيةالنصوصيّة، وبوصفها مؤسسة تربوية وعقائديّة للأتباع، كما سلّط الضوء على مراحلهاوتبلورها الشعبي المتدرّج. ويذكرُ شمسُ الدين أن هناك شكلين تمّ استخدامهما فيمواجهة هذا الطقس بعد أن اتخذ علامة للولاء والاحتجاج، فمن ناحية جرى قطع الطرقالمؤدية إلى كربلاء لمنع الزائرين وإنزال العقاب على منْ يُقبض عليه منهم، ومنناحية أخرى جرت محاولات لإزالة موضوع الزيارة وذلك بهدم قبر الإمام الحسين، وكانذلك في عهد المتوكّل. (ص 49-65).

الزّيارة.. طقس مؤسّسي

الكاتب البحرينيالسيد محمود الموسوي في كتابه الجديد ''زيارة الحسين''، يُقدّم توسعاً آخر في بيانمشروعيّة هذه الزيارة وكيفيّة ممارستها بنحو ربّاني، وبيان آثارها التربويّةوالروحيّة. يشتغل الموسوي - وكما انتبه مبكّراً شمس الدين - على إضفاء بُعد شموليلطقس الزيارة، وكونها مؤسسة ''عبادية'' قائمة بذاتها، ولها شروطها وظروفهاومتطلباتها التي لابد من تحصيلها مسبقاً، كما أنها تتضمن - سواء عبر نصوصها الخاصةأو باعتبار تجسّدها الخارجي لجهة قوافل الزيارة والحملات الخاصة بذلك - جملة منالمعاني والقيم التربوية والعقيدية.


 

في ظلّ ذلك، من الطبيعي أن تبدو قراءة الموسويلطقس الزيارة متحصّلة على طابعها الخاص، وتحديداً الطابع الدّيني والعقيدي الذي لاينظر إلى المصاحبات، أو المظاهر الطارئة حولها، مما يمكن أن يضطر المرء لإعادةالقراءة، أو على الأقل توجيهها إلى جنباتٍ أخرى. يمكن الإشارة مثلاً إلى المظهرالتجاري الذي تنطوي عليه حملات الزيارة، وكيف أن هذه الحملات أضحت اليوم متحرّكة فيأجواء حرّة غير مسبوقة، وهو الأمر الذي جعل ممارستها مصحوبة بتعبيرات وتمثيلاتجديدة لم تكن موجودة في أوقات سابقة.

ما يريده الموسوي، هو تركيز التوجّهالعبادي المنظّم في ممارسة زيارة الحسين، ذاهباً إلى أن ''مكانة زيارة الإمامالحسين وعطاءاتها وبركاتها، قد خطتها يد القدرة الإلهية وأجرتها على لسان أهل بيتالعصمة، لينثروا بذورها في قلوب أهل الأرض، لعلها تهتز وتربو، لتبدأ خطواتها فيالطريق إلى الله تعالى''، وعلى ذلك فإن هذه الزيارة ''مفردة عبادية فريدة، قدأولاها أهل البيت اهتماماً راسخاً، وقد أصبح قلب كل مؤمن هو الأرض الطيبة التيتلقفت تلك التوجيهات، فتوهجت قلوبهم إيماناً بها، وتمسّكت آمالهم بعروتها الوثقى''. ويخلص الموسوي تبعاً لذلك إلى القول بأن الزيارة أصبحت ''منسكاً عبادياً فريداًواستثنائياً في جوانبه المختلفة، وأصبح لها مكانتها المحورية في تدين الإنسان وفيبناء عقله وهوى قلبه''. ولذلك ''كان لابد أن نتوجه لها بتسليط الضوء على ماهيتهاوبواعثها وآثارها، من أجل صياغة ثقافة متوازنة في شأن الزيارة، للمحافظة على حدودهاولبلوغ الجزيل من آثارها، ولاستظهار معالمها ومعدنها، فيتعرف عليها كل طالب معرفة،ولكي تكون زيارة الزائر بحق انعكاساً لما أراد أهل البيت ضمن منهجهم الذي يتطابق معالقرآن ولا يفترق عنه حتى يرد الناس على رسول الله (ص) الحوض يوم القيامة''. وبخصوصمنهج الكتاب، يقول الموسوي بأنه يعتمد في بلورة ''ثقافة الزيارة'' من خلال ''نصوصالزيارات التي وردت عن أهل البيت، فإن الزيارات الكثيرة للإمام الحسين ـ التي نخصهابالبحث ـ هي روايات شريفة تنضح بالعلم والمعرفة، وهي واردة عن المعصوم الذي كلامهحجة على المسلمين. فإننا سوف نستلهم منها البصائر لتكوين رؤية متكاملة في ثقافةالزيارة، لما رأيناه مما تحتويه على آفاق معرفية، وتوجيهات عميقة، يراد لها أنتتردد على ألسنة الزائرين في كل حين، لكي تتشرب بها نفوسهم وقلوبهم وعقولهم، لتصنعالإيمان القويم الذي لا اهتزاز فيه ولا علة تعتريه''.

جريدة الوقت

1432 الجمعة 7 صفر 1431 هـ - 22 يناير 2010

من مؤلفاتنا