النبي (ص) وأهل البيت (ع) وإنشادهم الشعر


أفيدوني أثابكم الله

الإجابة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الرأي المشهور أن الرسول الأعظم (ص) من مختصاته أنه محرم عليه إنشاد الشعر، وذلك لكي لا يختلط على الناس الشعر الذي يقوله الرسول (ص) مع آيات القرآن الكريم على اعتبار أن التناسق والوزن موجود في الشعر، والقرآن الكريم ليس بشعر بل هو آيات من السماء ولها نظمها الخاص، كما أن الآيات جاءت بالحق من عند الله تعالى، وكان الشعر عند العرب معبّراً عن شعور الشاعر نفسه، أو أنه ينقل الواقع الموجود.

لذا تميّز الوحي بأنه قرآن مبين وبأسلوبه الخاص الفريد الذي أعجز الجميع من أن يأتوا بمثله.

وقد قال تعالى عن النبي (ص) والشعر: (وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ )[يس : 69]

فامتناع الرسول (ص) عن إنشاد الشعر ليس لجهل أو لعدم اهتمام بالشعر، بل إن الرسول (ص) اهتم بالشعر وشجع عليه في حياته.

وأما عن سائر المعصومين عليهم السلام، فلم أجد من يقول بتحريم الشعر عليهم، فالغاية من تحريمه على النبي (ص) منتفية مع الأئمة، وقد ورد العديد من الأبيات التي نسبت إلى المعصومين (ع)..

فقد روي على سبيل المثال عن الإمام علي (ع) لما استشهدت الزهراء (ع) قوله:

أرى علل الدنيا عليّ كثيرة        وصاحبها حتى الممات عليل

لكل اجتماع من خليلين فرقة     وكل الذي دون الفراق قليل

وإن افتقادي فاطماً بعد أحمد      دليل على أن لا يدوم خليل.

وقد ورد عن الزهراء (ع) أبياتاً كثيرة منها العديد في رثاء أبيها (ص)، ومنه:

أمسى بخدّي للدموع رسوم        أسفاً عليك وفي الفؤاد كلوم

والصبر يحسن في المواطن كلّها إلا عليك فإنه معدوم

لا عتب في حزني عليك لو       أنه كان البكاء لمقلتي يدوم

وقد ورد عن الإمام الحسن (ع) من الشعر:

لكسرةٌ من خسيسِ الخبز تشبعني          وشربة من قراحِ الماء تكفيني

وطرةٌ من دقيقِ الثوب تسترني            حياً وإن متُ تكفيني لتكفيني

وورد عن الإمام الحسين (ع) العديد من الأبيات الشعرية في كربلاء وغيرها، ومنها:

سبقت العالمين إلى المعالي       بحسن خليقة وعلوّ همّة

ولاح بحكمتي نور الهدى في     ليال في الضلالة مدلهمّة

يريد الجاحدون ليطفئوه            ويأبى الله إلا أن يتمّه

وهكذا قد روي عن بقية المعصومين عليهم السلام العديد من الأبيات الشعرية، مما لا يدع مجالاً للقول بأنهم امتنعوا عن قول الشعر، إلا أن رسالة أهل البيت (ع) كانت تبيان الحقائق عبر رواياتهم المليئة بالعلم والحكمة والمتصفة بالبلاغة، فهم (أمراء الكلام) كما ورد عنهم (عليهم السلام)، فكان تركيزهم على المواعظ وبيان الأحكام وإظهار العلوم من خلال الخطب والحكم والروايات، والإجابة على المسائل المختلفة.

والله العالم والموفق

محمود الموسوي

من مؤلفاتنا