بسم الله الرحمن الرحيم

لم نجد أن الروايات التاريخية قد ذكرت أن الإمامين الحسين والحسين (ع) كانا نائمين، ولا يصحّ في حقهما هذا الوصف، إلا إذا اقتضت مصلحة الدين ذلك، فلا ينبغي أن نتبرّع بالقول أنهما كانا نائمين.

نعم، لم يكونا في المسجد عندما ضرب اللعين بن ملجم الإمام أمير المؤمنين (ع)، حيث أن الروايات التاريخية ذكرت أن الإمام الحسن (ع) قد لحق الإمام علياً (ع) وهو في طريقه للمسجد، وبعضها ذكرت أنه كان يرافقه حتى باب المسجد، وقد قال له (يا أبتاه أريد أن أمضي معك)، لكن الإمام علياً (ع) أمره بالرجوع، فرجع.

أما الإمام الحسين (ع) فقد جاء في الروايات التاريخية العديدة، أنه سارع مع أخيه الحسن إلى المسجد بعد أن أصيب أبوهما، بعد أن سمعوا نعي جبرئيل في السماء (تهدمت والله أركان الهدى وانطمست والله نجوم السماء..).

ولقد اكتفت بعض الصادر بذكر حادثة رجوع الإمام الحسن (ع) بمثل الألفاظ التي ذكرناها، ولكن بعض المصادر ذكرت أن أمير المؤمنين (ع) قال له: (ارجع إلى فراشك) وهذا لا يعني بالضرورة إرادة فراش النوم، بل يقصد به أيضاً المرأة، أو البيت المفروش المهيأ والملائم، كما جاء في استعمال القرآن الكريم، وعلى كل حال فإن منتهى المقصد أن يكون دعاه إلى الرجوع إلى محل الفراش وهو البيت، وليس حال الافتراش.

وقد ذكرت تلك المصادر أنه علّل ذلك بكلمة (لئلا يتنغّص عليك نومك)، ويبدو أن المقصود أنه إذا رأيت ما يستحل مني من القتل وضربة الملعون، سيكون ذلك المشهد منغّصاً عليك في نومك طول عمرك، كما حصل للإمام زين العابدين (ع).

ولكن هذا لا يعني أن كل الحكمة في ما ذكره الإمام، بل قد تكون حكمة أخرى لعدم تواجد الحسنين في المسجد للصلاة، كأن يكون حفظاً لهماً، وهو حفظ للإمامة، كما في شأن الإمام زين العابدين (ع) ومرضه الذي لم يجعله مشاركاً في المعركة.

وقد يكون أمر الإمام الحسن (ع) بالرجوع لذات السبب الذي ردّ من أجله الإمام الحسين (ع) جموع الجن الذين جاؤوا لنصرته، ليمضي قلم القضاء بما يُرجى له أحسن المثوبة عند الله تعالى.

أو لأي سبب آخر أهم من حضور الجماعة.

والله أعلم.

من مؤلفاتنا