وقد قدم السيد الموسوي بحثاً حول الشخصية المتوازنة بين الصبر والشكر، تناول فيه الآية المباركة (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) [إبراهيم : 5].
تحدث في المقدمة حول أن رسالات الله تعالى جاءت لتربية الإنسان عبر التذكير بأيام الله كآلية للوصول إلى الهدف، حيث أن التذكير بأيام الله تجعل الشخصية متوازنة من خلال التحكم في بعدي (الصبر والشكر) الذين ذكرتهما الآية المباركة.
فتوازن الشخصية هو أن يعيش الإنسان بين الصبر والشكر، ولكي يصل إلى ذلك الهدف، ينبغي أن يتذكر أيام الله.
ثم سلط الأضواء على مفهوم أيام الله، وعلاقة الصبر والشكر بها، وذكر ثلاثة أفق لمفهوم أيام الله.
الأول: أن أيام الله هي أيام (آل محمد (ص) وكل الأيام التي تجلت فيها عظمة الله، فتذكر أيام الله يعني تذكر أيام آل محمد (ص) فيما جرى عليهم وما كانت عليه سيرتهم المباركة، لذلك دعينا لإحياء أمرهم والفرح لفرحهم والحزن لحزنهم.
وبهذا الإحياء نعرف المعاني الحقيقية والسامية لل (الصبر) و (الشكر)، وكمثال على صبر زينب (ع) وشكرها.. وهكذا أئمة أهل البيت (ع). ويمكننا عبر هذا الأفق أن نعي المفهوم الحقيقي للصبر والشكر، أي أن هذا الجانب هو جانب معرفي يحدد لنا ماهية الصبر، وماهية الشكر وكيفيتهما ومداهما.
الثاني: أن أيام الله هي (آلاؤه، أي نعمه) كما في الرواية عن الإمام الصادق (ع)، فلكي تكون الشخصية متوزانة ينبغي عليها أن تتذكر نعم الله وأن تنظر للجوانب الإيجابية والمشرقة من الحياة، وعدم الاكتفاء بالجانب السلمي منها، فعندما يواجه الإنسان التحديات والمشكلات على المستوى الاجتماعي والعائلي والمالي والنفسي فينبغي أن يستحضر الجوانب المشرقة من الحياة لكي يعيش حياة متوازنة، فتذكر النعم يستدعي (شكرها) ومن خلال ذلك الشكر سوف نتحلى بـ (الصبر).
لذلك فإن القرآن الكريم يؤكد دائما على ضرورة ذكر النعمة التي أنعمها الله على الناس، ولا يمكن للإنسان أن يحصي نعم الله عليه (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ) [النحل : 18]
وكفى بنعمة الإسلام و الولاية نعمة، وهي أعظم نعمة أنعمها الله علينا (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً).
الثالث: أن أيام الله منها يوم القائم (عح) كما في الحديث، وهنا ينبغي أن نتذكر الإمام لأنه إمام زماننا، ومن لا يعرف إمام زمانه مات ميتة الجاهلية، فينبغي تذكره في كل حين، عبر الدعاء له بالفرج والانتظار والثبات على ولايته، وإعداد النفس لظهوره.
ويمكن أن نفهم معنى الصبر والشكر في يوم القائم من خلال الإنتظار ومفهومه، فإن أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج كما قال الرسول (ص)، والإنتظار بالصبر كما في الحديث، أي أن الإنتظار يحتاج إلى الصبر، والصبر معناه الصبر على الولاية والثبات عليها في زمن التحديات، لذلك جاء في الحديث (إن من ثبت على موالاتنا في غيبة قائمنا كان له أجر ألف شهيد من شهداء أحد وبدر).
وبعد الشكر يتمثل في الجانب الآخر من الإنتظار، وهو العمل والسعي وبذل الجهد من أجل الدين وإحياء أمره، وامتثال أمر الله تعالى لكي نكون من أنصار الإمام حقاً، كما قال تعالى (اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً) فالعمل هو شكر عملي، وكل عبادة الإنسان هي شكر لله تعالى.
مقالات ذات صلة:
- الموسوي في لقاء تلفزيوني مباشر عن خصوصية زيارة الأربعين - 2010/08/23
- السيد محمود الموسوي لقناة (أهل البيت): زيارة الأربعين دعامة للتوحيد وتنسجم مع القيم والمبادئ الاسلامية - 2010/08/23
- كتاب زيارة الإمام الحسين (ع) في جريدة الوقت - 2010/08/23
- التدبر هو الذي يحدد العلاقة الصحيحة بين الإنسان والقرآن - 2010/08/23
- على قناة أهل البيت خلال شهر رمضان: الموسوي يقدّم برنامج المرجع والأمة - 2010/08/23
أحدث المقالات - من جميع الأقسام:
مقالات متفرقة:
المقالات الأكثر قراءة:
- ما معنى جوامع الكلم؟ - 2010/09/20 - قرأ 49029 مرُة
- معجم المؤلفين البحرينيين يترجم للسيد الموسوي - 2015/05/28 - قرأ 35949 مرُة
- هل في المرض أجر؟ وما صحة قولنا للمريض: أجر وعافية؟ - 2015/05/20 - قرأ 33874 مرُة
- لماذا نسجد على التربة الحسينية؟ - 2010/08/10 - قرأ 32123 مرُة
- مالذي يقصده الإمام الحسين من قوله: (لم أخرج أشراً ولا بطراً..) وهل لها انعكاس على الواقع الشخصي؟ - 2016/10/08 - قرأ 28589 مرُة
- بحث فقهي معاصر في حق الزوجة في المعاشرة - 2011/03/30 - قرأ 20507 مرُة
- ماهو واجبنا تجاه الامام المنتظر والاستعداد للظهور؟ - 2010/08/30 - قرأ 20036 مرُة
- السيرة الذاتية - 2010/08/08 - قرأ 19918 مرُة
- ماذا تقولون في كلمة الإمام الحسين عليه السلام: خط الموت على ولد آدم.. - 2016/10/08 - قرأ 19851 مرُة
- سورة الفيل وقريش - 2010/08/11 - قرأ 15918 مرُة