الحدث أبلغ واعظ..

005بمناسبة انتفاضة الشعب التونسي أعيد نشر مقال قد نشرته بمناسبة انتصار المقاومة اللبنانية على العد الاسرائلي، وهو يبين أنه مازال هنالك أمل في التغيير، لذا فلابد أن لا نخضع للمساومات وخداع الشعوب من قبل الحكام.. فنسأل الله أن يأخذ القادة عبرتهم من هذه التغيرات ليؤسسوا إلى مراحل جديدة في تاريخ الشعوب.. فإن سنن الله تعالى لا تتبدل ولا تتحوّل.

.

 

نص المقال:

تتراكم الرؤى بفعل معطيات الواقع عند بعض المثقفين والمصلحين، فتشكّل منهجاً هو مولود للواقع، وكيفما يكون ذلك الواقع يكون ذلك المنهج مصطبغاً به ومتأثراً بمكوناته، وهنالك فرق بين أن يأخذ المثقف والمصلح منهجاً متناسباً مع الواقع بغية التأثير فيه، وبين أن يتلوّن هو بلونه ويسير في مجراه ومنحاه..

وقد يتعاطى المثقفون أطراف الرأي، فتطرح في مجالاتهم التداولية الآراء الحصيفة والهزيلة وغيرها.. إلا أن الأكثر اقناعاً ـ في واقعنا المعاصر ـ هو الرأي الأكثر اصطباغاً بما يفرضه الواقع ويمليه.. وأي واقع؟ ذلك الواقع الذي صنعه الآخرون الذين تمترّسوا بالقوّة المادية أو السياسية أو الإعلامية.. فيكون المثقف تابعاً لذلك الناعق.. ويحسب أنه مبدع حكيم فقيه بالواقع.. ولعل اتخاذ هذه المنهجية الإستسلامية للواقع ناشئ من طبيعة التشكيل الثقافي أو الموجة الإعلامية الهادرة التي لا تؤثّر على المجتمع وحسب، بل وحتى أرباب الثقافة والفكر..

من هنا وأمام واقع يتعاطى الفكر بهذه المنهجية التي تسير في خط تنازلي مستجيبة لإملاءات الواقع ، أكثر من التأثير فيه، فإن الأحداث والوقائع ستكون لهم أبلغ واعظ، بأنه مازال هنالك ما يمكن أن يحدث ويقع.. وما زال هنالك من يستطيع أن يصنع تغييراً وفق ما يراه وما يؤمن به لهذا العالم..

وما وقع في أحداث الحرب التي شنّها العدو الإسرائلي على لبنان، وما قدّمته المقاومة الإسلامية من تحد وصبر وثبات في وجه أعتى قوّة في المنطقة.. قدّم رسالة واضحة ذات مضمون فكري ورسالي، ذلك المضمون يغرز جذره في عمق الأفكار بسواعد رسالية، امتلكت رؤية خالفها فيها تيار الإعلام والعولمة الجارف، وقد أصرّت على ما آمنت به وقدّمت مثالاً للصمود والكرامة، وأرجعت الروح المحطّمة عربياً بفعل الإنتكاسات التي تسببت بها كل محاولات السلام والإستسلام تحتى مسمّى الإستجابة للظروف الدولية ضمن وعي فقه الواقع وفقه الأزمات..

هنالك فرق بين فكر ينخرط في الأزمات ليكون بذاته أزمة أخرى في طريق المصلحين، و فكر يدخل في الأزمة ليفككها ويعيد تركيبها، راسماً بذلك لوحة أخرى، هي لوحة الحلول وفرض ما ينبغي أن يكون في الأصل.

 

من مؤلفاتنا