المزار الصادقي.. فضل وكيفية زيارة الإمام جعفر الصادق (ع)
السيد محمود الموسوي
الإمام جعفر الصادق (ع)، هو الإمام جعفر بن محمد الباقر، بن الإمام زين العابدين (ع) ابن الإمام الحسين (ع) ابن الإمام علي بن أبي طالب (ع)، وهو الإمام السادس من أهل بيت النبي (ص)، ولد في المدينة المنورة، سنة 83 للهجرة، وقيل 80 و86، واستشهد فيها، سنة 148 للهجرة، وقيل 146، عندما دسّ له المنصور العباسي السم، ودُفن في البقيع الغرقد.
وقد كانت مدة إمامته المباركة 34 سنة، عمل فيها عملاً دؤوباً في تبليغ الرسالة الإسلامية، ونشر تعاليم الدين الحنيف، وبناء المعرفة الفقهية على نحو تفصيلي، حيث تتلمذ على يديه الكثير من العلماء، الذين جابوا أرجاء الأرض، ونثروا فيها المعارف الإلهية التي كان يلقيها إليهم.
أما مزاره الشريف، وقبره المقدّس، فهو في البقيع الغرقد، حيث يرقد بالقرب منه الإمام الحسن المجتبى، والإمام زين العابدين، والإمام محمد الباقر (عليهم السلام)، وقد كان على القبر الشريف بناء وقبّة، يقصدها الموالون من كل حدب وصوب، إلى أن امتدت أيدي الحقد إلى ذلك المشهد المشرّف، وهو من البيوت التي أمر الله تعالى أن يُرفع ويُذكر فيها اسمه، وهدمته وسوّته بالأرض، فلم يبق من القبر الشريف إلا حجارة صغيرة وتراباً.
وزيارته كزيارة سائر المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين، لها من الفضل ما لا يٌعد ولا يُحصى، وتكتسب عظمتها من عظمة الولاية التي هي أسّ الإسلام وسنامه، لأن زيارته في مماته كزيارته في حياته، ولأنها تجديد عهد مع ولاة الأمر وهداة البشر، وهي شعيرة مقدّسة لإحياء للدين وحدوده، وهي عامل مهم في بناء شخصية المؤمن وبناء مجتمعه وتشييد حضارته، وهي مع كل ذلك محال رحمة الله، ومهبط أرزاقه لعباده في دنياهم، وذخيرة لهم في آخرتهم.
فيطيب لنا أن نفرد مزاراً للإمام السادس من أئمة المؤمنين الإمام جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، ليكون المزار ماثلاً أمام المؤمنين، ليسهل عليهم زيارته سلام الله عليه.
ولقد ملأ الإمام الصادق (ع) الأسفار برواياته الشّريفة حول زيارات المعصومين (ع)، وكيفيتها، وأوقاتها، وفضلها، وبركاتها، وحيث أنه ذكر في الأعم الأغلب فضائل زيارات المعصومين (ع) الذين سبقوه في الشهادة تحديداً، فكان من الطبيعي أن تكون الروايات المباشرة في فضل زيارته قليلة، لأنه كان حيّاً حينئذ، ولكن الرّوايات التي جاءت بالعموم تشمله، ونحن في هذا المزار، سنذكر من الروايات ما يخص الإمام الصادق (ع) وما يعمه مع المعصومين (ع)، لتتجلّى أمامنا عظمة زيارته (عليه السلام).
فضل زيارة الإمام الصادق (ع)
1 – عمارة قبره الشّريف
قبره الشريف بقعة من بقاع الجنّة، وتتجلّى عظمة عمارة قبره وتعاهده بالتعظيم والزيارة تقرباً من الله، في وصول المؤمن إلى الاختصاص بشفاعة النبي (صلى الله عليهم وآله)، ولزائريه من النعيم من لا عين رأت ولا أذن سمعت.
ورد عن التهذيب: عَنْ أَبِي عَامِرٍ السَّاجِيِّ وَاعِظِ أَهْلِ الْحِجَازِ قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ (ع) فَقُلْتُ لَهُ.. إلى أن قال عن الإمام علي (ع): قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لِمَنْ زَارَ قُبُورَنَا وَعَمَرَهَا وَتَعَاهَدَهَا؟
فَقَالَ لِي: يَا أَبَا الْحَسَنِ، إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ قَبْرَكَ وَقَبْرَ وُلْدِكَ بِقَاعاً مِنْ بِقَاعِ الْجَنَّةِ وَعَرْصَةً مِنْ عَرَصَاتِهَا، وَإِنَّ اللَّهَ جَعَلَ قُلُوبَ نُجَبَاءَ مِنْ خَلْقِهِ وَصَفْوَتِهِ مِنْ عِبَادِهِ، تَحِنُّ إِلَيْكُمْ وَتَحْتَمِلُ الْمَذَلَّةَ وَالْأَذَى فِيكُمْ، فَيَعْمُرُونَ قُبُورَكُمْ وَيُكْثِرُونَ زِيَارَتَهَا تَقَرُّباً مِنْهُمْ إِلَى اللَّهِ مَوَدَّةً مِنْهُمْ لِرَسُولِهِ. أُولَئِكَ يَا عَلِيُّ الْمَخْصُوصُونَ بِشَفَاعَتِي وَالْوَارِدُونَ حَوْضِي وَهُمْ زُوَّارِي غَداً فِي الْجَنَّةِ.
يَا عَلِيُّ، مَنْ عَمَرَ قُبُورَكُمْ وَتَعَاهَدَهَا فَكَأَنَّمَا أَعَانَ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ عَلَى بِنَاءِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَمَنْ زَارَ قُبُورَكُمْ عَدْلُ ذَلِكَ لَهُ ثَوَابُ سَبْعِينَ حَجَّةً بَعْدَ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَخَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ حَتَّى يَرْجِعَ مِنْ زِيَارَتِكُمْ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ، فَأَبْشِرْ وَبَشِّرْ أَوْلِيَاءَكَ وَمُحِبِّيكَ مِنَ النَّعِيمِ وَ قُرَّةِ الْعَيْنِ بِمَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ.. ج6، ص22.
2 – من زار الصادق (ع) كمن زار الحسين (ع)
لقد ورد في ثواب الأعمال: أن الإمام جعفر الصادق (ع) قال في حقّ زيارته وزيارة آبائه وأبنائه الطاهرين (ع): مَنْ زَارَ وَاحِداً مِنَّا، كَانَ كَمَنْ زَارَ الْحُسَيْنَ (عليه السلام). ص98.
3- من زاره لم يمت فقيراً
روى الشيخ المفيد في المقنعة، عَنِ الصَّادِقِ (ع) أَنَّهُ قَالَ: مَنْ زَارَنِي غُفِرَتْ لَهُ ذُنُوبُهُ وَلَمْ يَمُتْ فَقِيراً. (المقنعة، ص 474).
4 – من زاره لم يشتك عينه، ولم يصبه سقم، ولم يمت مبتلى
رُوِيَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَسْكَرِيِّ (ع) أَنَّهُ قَالَ: مَنْ زَارَ جَعْفَراً وَ أَبَاهُ، لَمْ يَشْتَكِ عَيْنَهُ وَلَمْ يُصِبْهُ سُقْمٌ، وَلَمْ يَمُتْ مُبْتَلًى. (المقنعة، ص474).
5 – في زيارته شفاء من كل داء مما يُستشفى من تربته الشريفة.
ورد في كامل الزيارات: عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع) قَالَ: كُنْتُ بِمَكَّةَ وَذَكَرَ فِي حَدِيثِهِ، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنِّي رَأَيْتُ أَصْحَابَنَا يَأْخُذُونَ مِنْ طِينِ الْحَائِرِ لَيَسْتَشْفُونَ [يَسْتَشْفُون] بِهِ، هَلْ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ مِمَّا يَقُولُونَ مِنَ الشِّفَاءِ؟
قَالَ قَالَ: يُسْتَشْفَى بِمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَبْرِ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ، وَكَذَلِكَ قَبْرُ جَدِّي رَسُولِ اللَّهِ (ص) وَكَذَلِكَ طِينُ قَبْرِ الْحَسَنِ وَعَلِيٍّ وَمُحَمَّدٍ، فَخُذْ مِنْهَا فَإِنَّهَا شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ سُقْمٍ، وَجُنَّةٌ مِمَّا تَخَافُ، وَلَا يَعْدِلُهَا شَيْءٌ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يُسْتَشْفَى بِهَا إِلَّا الدُّعَاء.. ص281
وقد ذكر الإمام الصادق (ع) الأئمة الذين سبقوه، وانتهى إلى أبيه الإمام الباقر (ع)، لأنه يتحدّث عن القبور، والإمام ما زال حيّاً، ولا شك أن هذا يشمله أيضاَ، بل إن تربته هي تربة أبيه وجده، وتربة الإمام الحسن (ع)، لأنهم جميعاً في البقيع.
6 – ترك زيارته عند الحجّ جفاء، وفي زيارته عوائد الأرزاق.
في الخصال عن أمير المؤمنين (عليه السلام): أَتِمُّوا بِرَسُولِ اللَّهِ (ص) حَجَّكُمْ إِذَا خَرَجْتُمْ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ، فَإِنَ تَرْكَهُ جَفَاءٌ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُمْ وَأَتِمُّوا بِالْقُبُورِ الَّتِي أَلْزَمَكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَقَّهَا وَزِيَارَتَهَا وَاطْلُبُوا الرِّزْقَ عِنْدَهَا. ج2، ص616
7 – زيارته تمام للحج
فقد ورد عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (ع) قَالَ: إِذَا حَجَّ أَحَدُكُمْ فَلْيَخْتِمْ حَجَّهُ بِزِيَارَتِنَا، لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَمَامِ الْحَجِّ. (عيون أخبار الرضا، ج2، ص262).
8 – زيارة الإمام الصادق (ع) كزيارة رسول الله (ص)
ففي الكافي: َ عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع) مَا لِمَنْ زَارَ أَحَداً مِنْكُمْ؟ قَالَ: كَمَنْ زَارَ رَسُولَ اللَّهِ (ص). ج4، ص579
9 – زيارته كزيارة سائر الأئمة
ورد في كامل الزيارات عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الْكَاظِمِ (عليه السلام) فَقُلْتُ لَهُ: أَيُّمَا أَفْضَلُ زِيَارَةُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ أَوْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) أَوْ لِفُلَانٍ [فُلَانٍ] وَفُلَانٍ وَسَمَّيْتُ الْأَئِمَّةَ وَاحِداً وَاحِداً.
فَقَالَ لِي: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، مَنْ زَارَ أَوَّلَنَا فَقَدْ زَارَ آخِرَنَا، وَمَنْ زَارَ آخِرَنَا فَقَدْ زَارَ أَوَّلَنَا، وَمَنْ تَوَلَّى أَوَّلَنَا فَقَدْ تَوَلَّى آخِرَنَا، وَمَنْ تَوَلَّى آخِرَنَا فَقَدْ تَوَلَّنَا [تَوَلَّى] أَوَّلَنَا.. ص336
10 – قبره من المقامات العظيمة في المدينة
ويشمل فضل زيارة الإمام الصادق (ع)، ما ورد في فضل المقامات والمشاهد والبقاع الشريفة، وما ورد عن إتيان قبور الشهداء، وضرورة زيارتها عند زيارة المدينة المنوّرة، ومنها:
عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (ع): لَا تَدَعْ إِتْيَانَ الْمَشَاهِدِ كُلِّهَا، وَمَسْجِدِ قُبَا، فَإِنَّهُ الْمَسْجِدُ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ، وَمَشْرَبَةِ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ، وَمَسْجِدِ الْفَضِيخِ، وَقُبُورِ الشُّهَدَاءِ، وَمَسْجِدِ الْأَحْزَابِ، وَهُوَ مَسْجِدُ الْفَتْحِ... (كامل الزيارات، 24).
وقد ذكر الشهيد الأول في الدروس: ثم يأتي البقيع، فيزور الأئمة الأربعة – ومنهم الإمام الصادق (ع) – ثم ذكر زيارة فاطمة الزهراء (ع) وزيارة الحمزة (ع)، وسائر المساجد.
في أوقات زيارته
إن زيارة الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه) مستحبة في كل وقت، إلا أن هناك بعض الخصوصيات للأيام الشريفة التي يتأكد فيها زيارته سلام الله عليه، ومنها:
1 – يوم الجمعة
كامل الزيارات: رَوَى سُلَيْمَانُ بْنُ عِيسَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع): كَيْفَ أَزُورُكَ وَلَمْ أَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: قَالَ لِي: يَا عِيسَى، إِذَا لَمْ تَقْدِرْعَلَى الْمَجِيءِ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فَاغْتَسِلْ، أَوْ تَوَضَّأْ، وَاصْعَدْ إِلَى سَطْحِكَ، وَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَتَوَجَّهْ نَحْوِي، فَإِنَّهُ مَنْ زَارَنِي فِي حَيَاتِي، فَقَدْ زَارَنِي فِي مَمَاتِي، وَمَنْ زَارَنِي فِي مَمَاتِي، فَقَدْ زَارَنِي فِي حَيَاتِي. (ص288).
2- يوم الثلاثاء من كل أسبوع
لقد ذكر السيد بن طاووس في جمال الأسبوع أنه يُستحب زيارة الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع)، كذا الإمامين، علي زين العابدين، ومحمد بن علي الباقر، (عليهما السلام)، في يوم الثلاثاء من كل أسبوع، معتمداً في ذلك على رواية تخصيص الأيام بأهل البيت (عليهم السلام) التي رواها الشيخ الصدوق في الخصال عن الإمام علي الهادي (عليه السلام) في حديث، حيث قال:
الْأَيَّامُ نَحْنُ، مَا قَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، فَالسَّبْتُ اسْمُ رَسُولِ اللَّهِ (ص)، وَالْأَحَدُ كِنَايَةٌ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام)، وَالْإِثْنَيْنِ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، وَالثَّلَاثَاءُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَالْأَرْبِعَاءُ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ، وَعَلِيُّ بْنُ مُوسَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَأَنَا، وَالْخَمِيسُ ابْنِيَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَالْجُمُعَةُ ابْنُ ابْنِي، وَإِلَيْهِ تَجْتَمِعُ عِصَابَةُ الْحَقِّ، وَهُوَ الَّذِي يَمْلَؤُهَا قِسْطاً وَعَدْلًا، كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً، فَهَذَا مَعْنَى الْأَيَّامِ، فَلَا تُعَادُوهُمْ فِي الدُّنْيَا فَيُعَادُوكُمْ فِي الْآخِرَة.. ج2، ص395
3 – في كل الأوقات الشريفة كالجمعة والقدر والعيد، والأيام المختصة به، كيوم ولادته وشهادته وما ظهر من كرامات على يديه.
لقد ذكر ذلك العلامة المجلسي في بحار الأنوار، حيث قال: "زيارتهم (عليهم السلام) في الأوقات الشريفة والأيام المتبركة والأزمان المختصة بهم أولى وأنسب.. إلى أن قال: ويوم ولادة الصادق (ع) وهو يوم سابع عشر ربيع الأول، ويوم وفاته، وهو منتصف رجب، أو شوال، ويوم خلافته، وهو يوم وفاة أبيه صلوات الله عليهما. بحار الأنوار، 97، ص210.
ويمكن الإستدلال لذلك، بأن الأيام الشريفة يتضاعف فيها الأجر والثواب للأعمال الحسنة، والزيارة من أفضل الأعمال وأجلّها، وبما ثبت في الرواية من تحرّي الأيام الشريفة في زيارتهم سلام الله عليهم، ويشمله الأيام المختصة به، ويُزاد على ذلك الاستدلال بعموم التذكير بأيام الله في كتاب الله، ولا شك أن منها كل ما يُعرف عن الإمام المعصوم من كرامة وفضل فيه، ومما يُذكّر به، وبزيارته، وتجديد العهد معه بها.
4 - زيارته في ذي الحجة بعد الحج بل بعد كل عمرة.
فقد ورد عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (ع) قَالَ: إِذَا حَجَّ أَحَدُكُمْ فَلْيَخْتِمْ حَجَّهُ بِزِيَارَتِنَا، لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَمَامِ الْحَجِّ. (عيون أخبار الرضا، ج2، ص262).
ولعل الاستحباب يشمل بعد كل زيارة لمكة المكرمة، أي بعد العمرة كذلك، ويشمله ما في الكافي عَنْ سَدِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) قَالَ: ابْدَءُوا بِمَكَّةَ وَاخْتِمُوا بِنَا. ج4، ص550.
كيفية زيارة الإمام الصادق (ع)
1 – زيارته بالزيارات الخاصّة، الواردة عن أهل البيت (ع)، بل وعن أصحابهم، وزيارته بالزيارات الحرّة، وهي التي ينشؤها الزائر من خلال معرفته بإمامه، ويسلّم عليه بمحاسن السلام، ويشهد له بما يليق به من فضل ومقام، ويتعهّد عنده بما يجب عليه التعهّد به عنده، ويتوسّل به إلى الله تعالى في قضاء حوائجه، ويقدّم شهاداته بتولّى أولياءه والبراءة من قتلته، وممن ظلمه، وممن سنّ الظلم عليهم، سلام الله عليهم.
2 – زيارته بالزيارات المطلقة والجامعة التي يُزار بها جميع أهل البيت (عليهم السلام)، كالزيارة الجامعة الكبيرة والصغيرة، وزيارة أئمة المؤمنين.
3 – زيارته بزيارة أمين الله، التي ورد أنه يُزار بها في المشاهد كلها.
4 – زيارته بالزيارات المشتركة لأئمة البقيع، والتي سوف نذكرها في ختام المزار.
5 – زيارته بما ورد في زيارة قبور الشهداء في المدينة.
عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (ع): لَا تَدَعْ إِتْيَانَ الْمَشَاهِدِ كُلِّهَا، - إلى أن قال -، وَبَلَغَنِي أَنَّ النَّبِيَّ (ص) كَانَ إِذَا أَتَى قُبُورَ الشُّهَدَاءِ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّار. (كامل الزيارات، 24).
وعَنْ عُقْبَةَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (ع): أَنَّا نَأْتِي الْمَسَاجِدَ الَّتِي حَوْلَ الْمَدِينَة – إلى أن قال -
ثُمَ مَرَرْتَ بِقُبُورِ الشُّهَدَاءِ فَقُمْتَ عِنْدَهُمْ فَقُلْتَ- السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الدِّيَارِ أَنْتُمْ لَنَا فَرَطٌ وَ إِنَّا بِكُمْ لَاحِقُون. (الكافي، ج4، ص561).
7 – زيارة بالصلوات الواردة عن الإمام أبي محمد الحسن العسكري (ع).
روى الشيخ الطوسي في مصباح المتهجّد، عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَابِدُ بِالدَّالِيَةِ لَفْظاً قَالَ: سَأَلْتُ مَوْلَايَ أَبَا مُحَمَّدٍ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ (ع) فِي مَنْزِلِهِ بِسُرَّ مَنْ رَأَى سَنَةَ خَمْسٍ وَ خَمْسِينَ وَ مِائَتَيْنِ أَنْ يُمْلِيَ عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ وَ أَوْصِيَائِهِ ع وَ أَحْضَرْتُ مَعِي قِرْطَاساً كَثِيراً فَأَمْلَى عَلَيَّ لَفْظاً مِنْ غَيْرِ كِتَاب... (ج1، ص399).
وسنذكرها في نصوص الزيارة.
آداب الزيارة
من الآداب التي ينبغي للزائر أن يتحلّى بها عند زيارته للإمام الصادق (ع)، هي الآداب العامة التي ذُكرت في زيارات أهل البيت (ع)، وأبرزها، الاستئذان عند دخول الحرم الشريف، أو الاقتراب من القبر الطاهر، والطهارة بالوضوء، وأفضل منه الغسل للزيارة، أن يسير خاشعاً ذاكراً لله تعالى، في توجّهه نحو الزيارة، كما ينبغي له التحلّي بالخلق الحسن، من خفض الصوت، والتعامل الحسن مع الآخرين، وإعانتهم، وما شابه ذلك.
ومن الآداب ما ورد في آداب دخول المدينة المنورة، باعتبارها مكان قبر الإمام الصادق (ع)، الزائر حينما يتوجّه لزيارته، فينبغي له أن يلتزم بآداب المدينة المنورة، ومنها غسل دخول المدينة، واحترام الإقامة فيها.
نصوص الزيارات
الزيارة الأولى:
روى علامة البحار عن الْكِتَابُ الْعَتِيقُ، رَوَى أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ رَجَاءٍ الصَّيْدَاوِيُّ هَذِهِ الزِّيَارَةَ لِعُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ الْعَمْرِيِّ (ره) وَمَعَهُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ رَوْحٍ، قَالَ عِنْدَ زِيَارَتِهِمَا لِمَوْلَانَا أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَقَفَا عَلَى بَابِ السَّلَامِ، فَقَالا:
السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مَوْلَايَ وَابْنَ مَوْلَايَ وَأَبَا مَوَالِيَّ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا شَهِيدَ دَارِ الْفَنَاءِ، وَزَعِيمَ دَارِ الْبَقَاءِ، إِنَّا خَالِصَتُكَ وَمَوَالِيكَ، وَنَعْتَرِفُ بِأُولَاكَ وَأُخْرَاكَ، فَاشْفَعْ لَنَا إِلَى مُشَفِّعِكَ اللَّهِ تَعَالَى، رَبِّنَا وَرَبِّكَ، فَمَا خَابَ عَبْدٌ قَصَدَ بِكَ رَبَّهُ، وَأَتْعَبَ فِيكَ قَلْبَهُ، وَهَجَرَ فِيكَ أَهْلَهُ وَصَحْبَهُ، وَاتَّخَذَكَ وَلِيَّهُ وَحَسَبَهُ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. (ج97، ص211).
قال العلامة المجلسي في الهامش، أنه يحتمل أنها زيارة للإمام الحسين (ع)، ولكن وقع التصحيف من قبل النسّاخ.
الزيارة الثانية:
زيارة أوردها العلامة المجلسي في البحار لسائر الأئمة عن كتاب العتيق الغروي لم تُنسب لإمام، ونص زيارة الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) كالتالي:
السَّلَامُ عَلَى الصَّادِقِ بْنِ الصَّادِقِينَ وَأَبِي الصَّادِقِينَ، حُجَّةِ اللَّهِ وَابْنِ حُجَّتِهِ عَلَى الْعَالَمِينَ، الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، خَلِيفَةِ مَنْ مَضَى، وَأَبِي سَادَةِ الْأَوْصِيَاءِ، وَكَنِيِّ سِبْطِ نَبِيِّ الْهُدَى.
السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مَوْلَايَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى الْإِمَامِ الْمَهْدِيِّ، وَالرَّاعِي الْمُؤَدِّي، وَصِيِّ الْأَوْصِيَاءِ، وَإِمَامِ الْأَتْقِيَاءِ، عَلَمِ الدِّينِ النَّاطِقِ بِالْحَقِّ الْيَقِينِ، وَغِيَاثِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَبِي الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ، جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، الْإِمَامِ الْعَالِمِ، وَالْقَاضِي الْحَاكِمِ، الْعَارِفِ الْمُرْتَضَى، وَالدَّاعِي إِلَى الْهُدَى، مَنْ أَطَاعَهُ اهْتَدَى، وَمَنْ صَدَّ عَنْهُ غَوَى.
اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَيْهِ كَمَا عَمِلَ بِرِضَاكَ، وَنَصَحَ لِأَوْلِيَائِكَ، وَرَءُوفَ بِالْمُؤْمِنِينَ، وَغَلُظَ عَلَى الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ، وَعَبَدَكَ حَتَّى أَتَاهُ الْيَقِينُ، شَرَعَ فِي أَوْلِيَائِكَ السُّنَنَ، وَأَظْهَرَ فِيهِمُ الْعِلْمَ، وَأَعْلَنَ وَعَطَّلَ الْبِدَعَ، وَأَحْيَا الدِّينَ وَنَفَعَ.
اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَيْهِ، وَاجْزِهِ عَنَّا أَفْضَلَ الْجَزَاءِ، بِمَا أَحْيَا مِنْ سُنَّتِكَ، وَأَقَامَ مِنْ دِينِكَ، وَسَارَعَ إِلَى رِضَاكَ، وَعَمِلَ بِتَقْوَاكَ، وَأَخْرَجَنَا مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، خَيْرَ جَزَاءِ الْمَجْزِيِّينَ، وَأَبْلِغْهُ أَفْضَلَ دَرَجَاتِ الْعُلَى فِي مَقَامِ آبَائِهِ الْأَعْلَى، وَضَاعِفْ لَهُ الرِّضَا، وَحَيِّهِ مِنَّا بِالتَّحِيَّةِ وَالسَّلَامِ، وَالسَّلَامُ عَلَيْهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. (ج99، ص225).
الزيارة الثالثة:
لقد ذكر السيد بن طاوورس في جمال الأسبوع زيارة زيارة بها يوم الثلاثاء، وهي المشتركة بين الإمام زين العابدين والإمامين الباقر والصادق (عليهم السلام)، وهي كالتالي:
السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا خُزَّانَ عِلْمِ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا تَرَاجِمَةَ وَحْيِ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَئِمَّةَ الْهُدَى السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَعْلَامَ التُّقَى السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَوْلَادَ رَسُولِ اللَّهِ، أَنَا عَارِفٌ بِحَقِّكُمْ، مُسْتَبْصِرٌ بِشَأْنِكُمْ، مُعَادٍ لِأَعْدَائِكُمْ، مُوَالٍ لِأَوْلِيَائِكُمْ.
بِأَبِي أَنْتُمْ وَأُمِّي صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَوَالَى آخِرَهُمْ كَمَا تَوَالَيْتُ أَوَّلَهُمْ، وَأَبْرَأُ مِنْ كُلِّ وَلِيجَةٍ دُونَهُمْ، وَأَكْفُرُ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ يَا مَوَالِيَّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.
السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا سَيِّدَ الْعَابِدِينَ وَسُلَالَةَ الْوَصِيِّينَ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا بَاقِرَ عِلْمِ النَّبِيِّينَ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا صَادِقاً مُصَدَّقاً فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، يَا مَوَالِيَّ هَذَا يَوْمُكُمْ وَهُوَ يَوْمُ الثَّلَاثَاءِ وَأَنَا فِيهِ ضَيْفٌ لَكُمْ وَمُسْتَجِيرٌ بِكُمْ، فَأَضِيفُونِي وَأَجِيرُونِي بِمَنْزِلَةِ اللَّهِ عِنْدَكُمْ وَآلِ بَيْتِكُمُ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِين. ص: 35
الزيارة الرابعة:
وهي الزيارة المشتركة مع أئمة البقيع، ذكرها ابن قولويه في كامل الزيارات عن أحد من أهل بيت النبوة (ع):
عَنْهُ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ هِشَامٍ [هَاشِمٍ] عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحَدِهِمْ [أَحَدِهِمَا] (ع) قَالَ: إِذَا أَتَيْتَ قُبُورَ الْأَئِمَّةِ بِالْبَقِيعِ فَقِفْ عِنْدَهُمْ وَاجْعَلِ الْقِبْلَةَ خَلْفَكَ وَالْقَبْرَ بَيْنَ يَدَيْكَ ثُمَّ تَقُولُ:
السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَئِمَّةَ الْهُدَى، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ الْحُجَجُ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ الْقَوَّامُونَ فِي الْبَرِيَّةِ بِالْقِسْطِ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الصَّفْوَةِ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا آلَ رَسُولِ اللَّهِ (ص)، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ النَّجْوَى.
أَشْهَدُ أَنَّكُمْ قَدْ بَلَّغْتُمْ وَنَصَحْتُمْ وَصَبَرْتُمْ فِي ذَاتِ اللَّهِ، وَكُذِّبْتُمْ وَأُسِيءَ إِلَيْكُمْ، فَغَفَرْتُمْ، وَأَشْهَدُ أَنَّكُمُ الْأَئِمَّةُ الرَّاشِدُونَ الْمَهْدِيُّونَ [الْمُهْتَدُونَ]، وَأَنَّ طَاعَتَكُمْ مَفْرُوضَةٌ- وَأَنَّ قَوْلَكُمُ الصِّدْقُ، وَأَنَّكُمْ دَعَوْتُمْ فَلَمْ تُجَابُوا، وَأَمَرْتُمْ فَلَمْ تُطَاعُوا، وَأَنَّكُمْ دَعَائِمُ الدِّينِ، وَأَرْكَانُ الْأَرْضِ، لَمْ تَزَالُوا بِعَيْنِ اللَّهِ، يَنْسَخُكُمْ فِي أَصْلَابِ كُلِّ مُطَهَّرٍ، وَيَنْقُلُكُمْ مِنْ أَرْحَامِ الْمُطَهَّرَاتِ، لَمْ تُدَنِّسْكُمُ الْجَاهِلِيَّةُ الْجَهْلَاءُ، وَلَمْ تَشْرَكْ فِيكُمْ فِتَنُ الْأَهْوَاءِ، طِبْتُمْ وَطَابَتْ مَنْبِتُكُمْ، مَنَّ بِكُمْ عَلَيْنَا دَيَّانُ الدِّينِ، فَجَعَلَكُمْ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ، وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ، وَجَعَلَ صَلَوَاتِنَا عَلَيْكُمْ رَحْمَةً لَنَا، وَكَفَّارَةً لِذُنُوبِنَا، إِذَا اخْتَارَكُمُ اللَّهُ لَنَا، وَطَيَّبَ خَلْقَنَا بِمَا مَنَّ بِهِ عَلَيْنَا مِنْ وَلَايَتِكُمْ، وَكُنَّا عِنْدَهُ مُسَمَّيْنَ لِعِلْمِكُمْ، مُعْتَرِفِينَ بِتَصْدِيقِنَا إِيَّاكُمْ، وَهَذَا مَقَامُ مَنْ أَسْرَفَ وَأَخْطَأَ وَاسْتَكَانَ وَأَقَرَّ بِمَا جَنَى وَرَجَى بِمَقَامِهِ الْإِخْلَاصَ، وَأَنْ يَسْتَنْقِذَ بِكُمْ مُسْتَنْقِذُ الْهَلْكَى مِنَ الرَّدَى، فَكُونُوا لِي شُفَعَاءَ، فَقَدْ وَفَدْتُ إِلَيْكُمْ، إِذْ رَغِبَ عَنْكُمْ أَهْلُ الدُّنْيَا، وَاتَّخَذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً، وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا، يَا مَنْ هُوَ قَائِمٌ لَا يَسْهُو، وَدَائِمٌ لَا يَلْهُو، وَمُحِيطٌ بِكُلِّ شَيْءٍ، ولَكَ الْمَنُّ بِمَا وَفَّقْتَنِي وَعَرَّفْتَنِي أَئِمَّتِي، وَبِمَا أَقَمْتَنِي عَلَيْهِ، إِذْ صَدَّ عَنْهُ عِبَادُكَ، وَجَهِلُوا مَعْرِفَتَهُ، وَاسْتَحَقُّوا بِحَقِّهِ، وَمَالُوا إِلَى سِوَاهُ، فَكَانَتِ الْمِنَّةُ مِنْكَ عَلَيَّ، مَعَ أَقْوَامٍ خَصَصْتَهُمْ بِمَا خَصَصْتَنِي بِهِ، فَلَكَ الْحَمْدُ إِذْ كُنْتُ عِنْدَكَ فِي مَقَامٍ مَذْكُوراً مَكْتُوباً، فَلَا تَحْرِمْنِي مَا رَجَوْتُ، وَلَا تُخَيِّبْنِي فِيمَا دَعَوْتُ، فِي مَقَامِي هَذَا، بِحُرْمَةِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ. وَادْعُ لِنَفْسِكَ بِمَا أَحْبَبْتَ. (ص55).
الزيارة الخامس:
وهي زيارته مع أئمة البقيع، ذكرها الكفعمي في مصباحه دون نسبة، وهي كالتالي:
تَقُولُ فِي زِيَارَةِ أَئِمَّةِ الْبَقِيعِ (ع) بَعْدَ أَنْ تَجْعَلَ الْقَبْرَ بَيْنَ يَدَيْكَ وَأَنْتَ عَلَى غُسْلٍ:
السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا خُزَّانَ عِلْمِ اللَّهِ وَحَفَظَةَ سِرِّهِ وَتَرَاجِمَةَ وَحْيِهِ، أَتَيْتُكُمْ يَا بَنِي رَسُولِ اللَّهِ عَارِفاً بِحَقِّكُمْ مُسْتَبْصِراً بِشَأْنِكُمْ مُعَادِياً لِأَعْدَائِكُمْ مُوَالِياً لِأَوْلِيَائِكُمْ، بِأَبِي أَنْتُمْ وَأُمِّي، صَلَّى اللَّهُ عَلَى أَرْوَاحِكُمْ وَأَبْدَانِكُمْ.
اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَوَلَّى آخِرَهُمْ كَمَا تَوَلَّيْتُ أَوَّلَهُمْ، وَأَبْرَأُ مِنْ كُلِّ وَلِيجَةٍ دُونَهُمْ، آمَنْتُ بِاللَّهِ وَكَفَرْتُ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى وَكُلِّ نِدٍّ يُدْعَى مِنْ دُونِ اللَّهِ.
وَتَقُولُ فِي وَدَاعِهِمْ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَئِمَّةَ الْهُدَى وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، أَسْتَوْدِعُكُمُ اللَّهَ وَأَقْرَأُ عَلَيْكُمُ السَّلَامَ، آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَبِمَا جِئْتُمْ بِهِ وَدَلَلْتُمْ عَلَيْهِ، اللَّهُمَ فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ، وَلَا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِهِمْ، وَالسَّلَامُ عَلَيْهِمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُه. (بحار الأنوار، ج97، ص: 207).
الزيارة السادسة:
ضمن زيارة أئمة البقيع (ع).
قال ابن المشهدي في المزار الكبير: يُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَرَادَ زِيَارَتَهُمْ أَنْ يَغْتَسِلَ أَوَّلًا، ثُمَّ يَأْتِيَ بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ، فَإِذَا وَرَدَ إِلَى الْبَابِ الشَّرِيفِ، وَقَفَ عَلَيْهِ وَقَالَ:
يَا مَوَالِيَّ يَا أَبْنَاءَ رَسُولِ اللَّهِ، عَبْدُكُمْ وَابْنُ امَتِكُمْ، الذَّلِيلُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ، وَالْمُضْعِفُ فِي عُلُوِّ قَدْرِكُمْ، وَالْمُعْتَرِفُ بِحَقِّكُمْ، جَاءَكُمْ مُسْتَجِيراً بِكُمْ، قَاصِداً إِلَى حَرَمِكُمْ، مُتَوَسِّلًا إِلَى مَقَامِكُمْ، مُتَوَسِّلًا إِلَى اللَّهِ بِكُمْ.
أَأَدْخُلُ يَا مَوَالِيَّ، أَ أَدْخُلُ يَا أُمَنَاءَ اللَّهِ، أَأَدْخُلُ يَا أَوْلِيَاءَ اللَّهِ، أَأَدْخُلُ يَا مَلَائِكَةَ اللَّهِ الْمُحْدِقِينَ بِهَذَا الْحَرَمِ، الْمُقِيمِينَ بِهَذَا الْمَشْهَدِ.
وَاخْشَعْ لِرَبِّكَ وَابْكِ، فَإِنْ خَشَعَ قَلْبُكَ وَدَمَعَتْ عَيْنَاكَ، فَهُوَ عَلَامَةُ الْقَبُولِ وَالْإِذْنِ، وَأَدْخِلْ رِجْلَكَ الْيُمْنَى الْقُبَّةَ، وَأَخِّرِ الْيُسْرَى، وَقُلِ:
اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيراً، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيراً، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الْفَرْدِ الصَّمَدِ الْمَاجِدِ الْأَحَدِ، الْمُتَفَضِّلِ الْمَنَّانِ الْمُتَطَوِّلِ الْحَنَّانِ، الَّذِي مَنَّ بِطَوْلِهِ، وَسَهَّلَ زِيَارَةَ سَادَتِي بِإِحْسَانِهِ، وَلَمْ يَجْعَلْنِي عَنْ زِيَارَتِهِمْ مَمْنُوعاً، بَلْ تَطَوَّلَ وَمَنَحَ.
ثُمَّ ادْخُلْ وَاجْعَلِ الْقُبُورَ بَيْنَ يَدَيْكَ، وَقُلِ:
السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَئِمَّةَ الْهُدَى، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ التَّقْوَى، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا الْحُجَجُ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا، السَّلَامُ عَلَيْكُمُ الْقُوَّامُ فِي الْبَرِيَّةِ بِالْقِسْطِ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الصَّفْوَةِ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ النَّجْوَى.
أَشْهَدُ أَنَّكُمْ قَدْ بَلَّغْتُمْ عَنِ اللَّهِ وَنَصَحْتُمْ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ، وَصَبَرْتُمْ فِي ذَاتِ اللَّهِ، وَأَنَّكُمُ الْمُهْتَدُونَ، وَأَنَّ طَاعَتَكُمْ مَفْرُوضَةٌ، وَأَنَّ قَوْلَكُمُ الصِّدْقُ، وَأَنَّكُمْ دَعَائِمُ الدِّينِ، وَأَرْكَانُ الْأَرْضِ.
لَمْ تَزَالُوا بِعَيْنِ اللَّهِ، يَنْسَخُكُمْ فِي أَصْلَابِ كُلِّ مُطَهَّرٍ، وَيَنْقُلُكُمْ مِنْ أَصْلَابِ الْمُطَهَّرَاتِ، لَمْ تُدَنِّسْكُمُ الْجَاهِلِيَّةُ الْجَهْلَاءُ، وَلَمْ تَشْرَكْ فِيكُمْ فِتَنُ الْأَهْوَاءِ، طِبْتُمْ وَطَابَ مَنْبِتُكُمْ.
مَنَّ بِكُمْ عَلَيْنَا دَيَّانُ الدِّينِ، فَجَعَلَكُمْ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ، وَجَعَلَ صَلَاتَنَا عَلَيْكُمْ، وَطَيَّبَ خِلْقَتَنَا بِمَا مَنَّ بِهِ عَلَيْنَا مِنْ وَلَايَتِكُمْ، وَكُنَّا عِنْدَهُ مُسَمَّيْنَ بِعِلْمِكُمْ، مُعْتَرِفِينَ بِتَصْدِيقِنَا إِيَّاكُمْ.
وَهَذَا مَقَامُ مَنْ أَسْرَفَ وَأَخْطَأَ، وَاسْتَكَانَ وَأَقَرَّ بِمَا جَنَى، وَرَجَا بِمَقَامِهِ الْخَلَاصَ مِنْ لَظَى، وَأَنْ يَسْتَنْقِذَهُ بِكُمْ مُسْتَنْقِذُ الْهَلْكَى مِنَ الرَّدَى، فَكُونُوا لِي شُفَعَاءَ، فَقَدْ وَفَدْتُ إِلَيْكُمْ إِذْ رَغِبَ عَنْكُمْ أَهْلُ الدُّنْيَا، وَاتَّخَذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا.
السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا سَادَاتِي، أَنَا عَبْدُكُمْ وَمَوْلَاكُمْ وَزَائِرُكُمْ، اللَّائِذُ بِكُمْ، أَتَوَسَّلُ إِلَى اللَّهِ فِي نُجْحِ طَلِبَتِي وَكَشْفِ كُرْبَتِي، وَإِجَابَةِ دَعْوَتِي وَغُفْرَانِ حَوْبَتِي، وَأَسْأَلُهُ أَنْ يَسْمَعَ وَيُجِيبَ بِرَحْمَتِهِ.
وَصَلِّ صَلَاةَ الزِّيَارَةِ، وَصِفَتُهَا أَنْ تَنْوِيَ بِقَلْبِكَ صَلَاةَ الزِّيَارَةِ مَنْدُوباً قُرْبَةً إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَتَكُونُ النِّيَّةُ مُقَارِنَةً لِلْفِعْلِ، وَتُصَلِّي لِكُلِّ إِمَامٍ رَكْعَتَيْنِ، وَادْعُ بِمَا تُحِبُّ، وَاسْأَلْهُ الْحَوَائِجَ، فَإِنَّهُ مَوْضِعُ إِجَابَةٍ[1].
الزيارة السابعة:
الصلوات الواردة عن الإمام الحسن العسكري (ع):
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ خَازِنِ الْعِلْمِ الدَّاعِي إِلَيْكَ بِالْحَقِّ النُّورِ الْمُبِينِ اللَّهُمَّ وَ كَمَا جَعَلْتَهُ مَعْدِنَ كَلَامِكَ وَ وَحْيِكَ وَ خَازِنَ عِلْمِكَ وَ لِسَانَ تَوْحِيدِكَ وَ وَلِيَّ أَمْرِكَ وَ مُسْتَحْفِظَ دِينِكَ فَصَلِّ عَلَيْهِ أَفْضَلَ مَا صَلَّيْتَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَصْفِيَائِكَ وَ حُجَجِكَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. (مصباح المتهجد، ج1، ص403).
صلاة الزيارة
من تمام زيارة أهل البيت (ع) أن يصلي الزائر ركعات الزيارة، وقد تعددت كيفيات الصلوات في زيارتهم، والتي ورد أكثرها عند زيارة الإمام الحسين (ع)، وأقلها ركعتان، يقرأ ما يشاء فيهما.
فعنأبي حمزة الثمالي عن الإمام الصادق (ع): أَنَ رَكْعَتَيِ الزِّيَارَةِ لَا بُدَّ مِنْهُمَا عِنْدَ كُلِّ قَبْر. (الوسائل، ج1، ص115).
وقَالَ الصَّادِقُ (ع): مَنْ زَارَ إِمَاماً مِنَ الْأَئِمَّةِ، وَصَلَّى عِنْدَهُ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، كُتِبَتْ لَهُ حِجَّةً وَعُمْرَة. (المقنعة، ص474).
زيارة الوداع
إن آخر مناسك زيارات الأئمة الطاهرين، هو وداع قبورهم الشريفة، على أمل العود إليها، والتواصل معها بالزيارة، وهي نيّة استمرار العهد على زيارتهم (سلام الله عليهم)، ووقد روي العديد من نصوص الوداع في بعض الزيارات، وعلى الخصوص زيارة الإمام أبي عبد الله الحسين (ع)، ولكن النصوص تؤكد في مضامينها على أن الوداع يتعلق بقبور الأئمة الطاهرين (ع)، بنحو العموم والشمول، لما فيها من معاني التعاهد، والدعاء بالتواصل الدائم، لنيل الفضل والبركات.
ويمكن الوداع بنحوين:
الأول: أن يقوم الزائر بوداع القبر في ختام كل زورة يزورها، وهو في موطن الزيارة، فكلّما تشرّف بالزيارة في أوقات الفرائض مثلاً، فيقرأ آخر زيارته نص الوداع، على أمل العود والتكرار، وهو في موطن الزيارة، على الخصوص لمن جاء إلى الزيارة الواحدة، ثم سيمضي إلى بلده.
الثاني: أن يخصص الزائر للوداع زيارة خاصة، بحيث تكون آخر زوراته التي يكرّرها وهو في موطن الزيارة، فعندما تنقضي أيام الزيارة المقرّرة، يختمها بزيارة خاصّة، يكون موضوعها وداع القبر الشريف.
ويمكن الوداع بأنحاء متعدّدة، أفضلها ما جاء في الرّوايات الشّريفة، والنص العام الوارد عن الإمام الصادق (ع)، يمكن قراءته في كل المزارات، ومنها بعد زيارة الإمام الصادق (ع)، وهي:
"إذا ودّعت أحدا منهم فقل:
السَّلامُ عَلَيْكَ ايُّهَا الإِمامُ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكاتُهُ، اسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ وَ عَلَيْكَ السَّلامُ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ، آمَنّا بِالرَّسُولِ وَ بِما جِئْتُمْ بِهِ وَ بِما دَعَوْتُمْ إِلَيْهِ[2]، اللّهُمَّ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيارَتِي وَلِيِّكَ، اللّهُمَّ لا تَحْرِمْنِي ثَوابَ مَزارِهِ الَّذِي اوْجَبْتَ لَهُ وَ يَسِّرْ لَنَا الْعَوْدَ إِلَيْهِ انْ شاءَ اللَّه". (الإقبال بالأعمال الحسنة، ج2، ص275).
[1] عنه البحار 100: 211.
[2] و دعوتم إليه( خ ل).
مقالات ذات صلة:
أحدث المقالات - من جميع الأقسام:
مقالات متفرقة:
المقالات الأكثر قراءة:
- ما معنى جوامع الكلم؟ - 2010/09/20 - قرأ 49751 مرُة
- معجم المؤلفين البحرينيين يترجم للسيد الموسوي - 2015/05/28 - قرأ 36074 مرُة
- هل في المرض أجر؟ وما صحة قولنا للمريض: أجر وعافية؟ - 2015/05/20 - قرأ 35858 مرُة
- لماذا نسجد على التربة الحسينية؟ - 2010/08/10 - قرأ 34243 مرُة
- مالذي يقصده الإمام الحسين من قوله: (لم أخرج أشراً ولا بطراً..) وهل لها انعكاس على الواقع الشخصي؟ - 2016/10/08 - قرأ 29380 مرُة
- ماهو واجبنا تجاه الامام المنتظر والاستعداد للظهور؟ - 2010/08/30 - قرأ 21748 مرُة
- ماذا تقولون في كلمة الإمام الحسين عليه السلام: خط الموت على ولد آدم.. - 2016/10/08 - قرأ 20951 مرُة
- السيرة الذاتية - 2010/08/08 - قرأ 20901 مرُة
- بحث فقهي معاصر في حق الزوجة في المعاشرة - 2011/03/30 - قرأ 20741 مرُة
- هل حديث (تفاءلوا بالخير تجدوه) وارد عن أهل البيت (ع)؟ - 2021/01/15 - قرأ 18654 مرُة