السيد محمود الموسوي
الرهان على المرأة باعتبارها (موضوعاً) وباعتبارها (فاعلاً) في الإشكالية المفتعلة حول المرأة ونظرة الإسلام إليها، لا يمكن أن يعزز القناعات فيه ويفوز بالسبق إلا من خلال المرأة نفسها، فمهما حاول الرجال أخذها للمكانة التي يرونها فيها، فلن يجدي ذلك نفعاً إلا أن تأخذ هي زمام المبادرة وتحمل الراية وتحقق النصر في ميدان القناعات والإرادات.
.
المرأة (الموضوع) هي المنظومة الفكرية حول المرأة التي جاء بها الإسلام من توجيهات وأحكام وحدود وحقوق، وكيف نظر لها الإسلام في مجال الحقوق والواجبات ومدى ارتباط ذلك بالعدالة والإنصاف وتحقيق الكرامة لها.
والمرأة (الفاعل) هي تلك الإرادة والقدرة والعزيمة والانجازات التي تحققها في الحياة، معتمدة على منظومة الفكر التي جاد بها الدين، أي أن فاعليتها هي الجهة العملية المعتمدة على الموضوع النظري، لتثبت من خلاله مدى صدق وجدوى منظومة الفكر الإسلامي حول المرأة.
من الواضح أن التجارب التي حققت تلك العملية في التاريخ، إذا ما وجدت، فإنها تقطع كل المسافة إلا قليلاً، فإن تحققها يعني أننا نمتلك المثال الذي تفاعل مع الواقع وأثبت كل ما هو نظري، فلا يبقى إلا القليل للوصول من خلال عامل الإقتداء.
وإننا في كربلاء الحادثة التي كان لها مقدمات قبلها، ولها آثار وعواقب بعدها، نجد أنها شكلّت أنموذجاً حيوياً في إبراز حيوية دور المرأة وسعة مجال تحركها وفاعلية أثرها وأهميته، وذلك من خلال دراسة سيرة بطلة كربلاء السيدة العظيمة المباركة السيدة زينب (عليها السلام)، التي اشتركت في الجهد والجهاد، وحافظت على الجهود بالاجتهاد.
ولذلك، فإن قراءة سيرة زينب في مسيرة كربلاء، تفرز لنا موضع المرأة من حركة الحياة، ومدى انسجام الرؤية الإسلامية مع الواقع، فلابد أن نراهن على تلك السيرة العظيمة ونستلهم منها بصائر تساهم في انطلاق المرأة في تحقيق ذاتها في الحياة كعامل من عوامل البناء والتقدّم والرقي.
وأهم ما يحقق ذلك هو أن تكون المرأة نفسها مستلهماً مستفيداً من بصائر كربلاء، ثم تعمل على حمل راية كربلاء عطاء وتبليغاً، لتكون بعدها حاملة مشعلاً تضيئ به دورب الآخرين، لتكون زينباً في واقعها ومجتمعها، وتجسّد:
زينب العالمة.. وزينب العفيفة.. وزينب المربية.. وزينب العارفة بالزمان.. وزينب الموجّهة.. وزينب الشجاعة.. وزينب المجاهدة.. وزينب الصابرة.
وبكلمة: على المرأة أن تكتب رسالة الحياة بحروف زينب.
ـــــ
نشر في نشرة قناديل كربلاء (السعودية ـ العوامية).
مقالات ذات صلة:
أحدث المقالات - من جميع الأقسام:
مقالات متفرقة:
- دراسة: الثقافة الرسالية كنظرية في العلوم الاجتماعية - 2012/07/24
- بين إقامة العدل وتقويض الظلم - 2011/12/05
- من يد زينب إلى يد الغيب - 2011/01/25
- الرد القاصم على مدّعي المهدوية ومعيارية مسجد الصبور.. آيات ظهور القائم محكمات وحقائق فوق الشبهات - 2014/11/14
- التحولات السياسية.. بين سنن الانتصار ونفس الهزيمة - 2011/01/31
المقالات الأكثر قراءة:
- ما معنى جوامع الكلم؟ - 2010/09/20 - قرأ 48809 مرُة
- معجم المؤلفين البحرينيين يترجم للسيد الموسوي - 2015/05/28 - قرأ 35928 مرُة
- هل في المرض أجر؟ وما صحة قولنا للمريض: أجر وعافية؟ - 2015/05/20 - قرأ 33201 مرُة
- لماذا نسجد على التربة الحسينية؟ - 2010/08/10 - قرأ 31453 مرُة
- مالذي يقصده الإمام الحسين من قوله: (لم أخرج أشراً ولا بطراً..) وهل لها انعكاس على الواقع الشخصي؟ - 2016/10/08 - قرأ 28359 مرُة
- بحث فقهي معاصر في حق الزوجة في المعاشرة - 2011/03/30 - قرأ 20471 مرُة
- السيرة الذاتية - 2010/08/08 - قرأ 19740 مرُة
- ماهو واجبنا تجاه الامام المنتظر والاستعداد للظهور؟ - 2010/08/30 - قرأ 19598 مرُة
- ماذا تقولون في كلمة الإمام الحسين عليه السلام: خط الموت على ولد آدم.. - 2016/10/08 - قرأ 19519 مرُة
- سورة الفيل وقريش - 2010/08/11 - قرأ 15794 مرُة