الإمام محمد الباقر (ع)، ابن الإمام علي بن الحسين زين العابدين (ع)، هو الإمام الخامس من أهل البيت (ع) خلفاء النبي (ص)، وُلد في المدينة المنوّرة سنة 57 هـ، في الأول من شهر رجب، وقيل في الثالث من صفر، تسلّم ميثاق الإمامة بعد شهادة أبيه الإمام زين العابدين (ع)، وتصدّى لبناء المعارف الإسلامية في ميادين عديدة، وكانت لقبه الباقر، لأنه بقر العلم، وأشاع معارف الدين الأصيلة، وروى عنه الكثير من الرّواة في معارف العقيدة والفقه والأخلاق والقرآن وغيرها.
وبعد تسعة عشر عاماً هي مدة إمامته (ع)، استشهد الإمام في السابع من شهر ذي الحجّة سنة 114هـ، وقيل في 117هـ أو غيرها، وكان المسؤول عن شهادته هشام بن عبد الملك الذي كان يترأس المسلمين حينها، ودُفن في المدينة المنوّرة، في مقبرة البقيع، إلى جنب قبر أبيه الإمام زين العابدين (ع)، وعمّه الإمام الحسن المجتبى (ع)، وقد شُيّد قبره الشريف، وأصبحت عليه قبّة وبناء، إلا أن يد الحقد امتدّت إليه وهدمت بناءه، وبقي إلى اليوم قبراً مستوياً بالأرض، ومعلّم ببعض الحجارة، إلا أن ذلك لم يوقف المؤمنين من شدّ الرحال إلى زيارته، ولو عبر الحواجز.
فضل زيارته
لم يشتك عينه ولم يصبه سقم
رُوِيَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَسْكَرِيِّ (ع) أَنَّهُ قَالَ: مَنْ زَارَ جَعْفَراً وَأَبَاهُ لَمْ يَشْتَكِ عَيْنَهُ وَلَمْ يُصِبْهُ سُقْمٌ وَلَمْ يَمُتْ مُبْتَلًى[1].
زيارة الإمام زين العابدين (ع) كزيارة رسول الله (ص)
ففي الكافي: َ عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع): مَا لِمَنْ زَارَ أَحَداً مِنْكُمْ؟ قَالَ: كَمَنْ زَارَ رَسُولَ اللَّهِ (ص). ج4، ص579
في زيارته شفاء من كل داء مما يُستشفى من تربته الشريفة.
ورد في كامل الزيارات: عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع) قَالَ: كُنْتُ بِمَكَّةَ وَذَكَرَ فِي حَدِيثِهِ، قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّي رَأَيْتُ أَصْحَابَنَا يَأْخُذُونَ مِنْ طِينِ الْحَائِرِ لَيَسْتَشْفُونَ [يَسْتَشْفُون] بِهِ، هَلْ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ مِمَّا يَقُولُونَ مِنَ الشِّفَاءِ؟ قَالَ قَالَ: يُسْتَشْفَى بِمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَبْرِ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ، وَكَذَلِكَ قَبْرُ جَدِّي رَسُولِ اللَّهِ (ص) وَكَذَلِكَ طِينُ قَبْرِ الْحَسَنِ وَعَلِيٍّ وَمُحَمَّدٍ، فَخُذْ مِنْهَا فَإِنَّهَا شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ سُقْمٍ، وَجُنَّةٌ مِمَّا تَخَافُ، وَلَا يَعْدِلُهَا شَيْءٌ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يُسْتَشْفَى بِهَا إِلَّا الدُّعَاء.. ص281
ترك زيارته عند الحجّ جفاء، وفي زيارته عوائد الأرزاق.
في الخصال عن أمير المؤمنين (عليه السلام): أَتِمُّوا بِرَسُولِ اللَّهِ (ص) حَجَّكُمْ إِذَا خَرَجْتُمْ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ، فَإِنَ تَرْكَهُ جَفَاءٌ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُمْ وَأَتِمُّوا بِالْقُبُورِ الَّتِي أَلْزَمَكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَقَّهَا وَزِيَارَتَهَا وَاطْلُبُوا الرِّزْقَ عِنْدَهَا. ج2، ص616
زيارته تمام للحج
فقد ورد عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (ع) قَالَ: إِذَا حَجَّ أَحَدُكُمْ فَلْيَخْتِمْ حَجَّهُ بِزِيَارَتِنَا، لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَمَامِ الْحَجِّ. (عيون أخبار الرضا، ج2، ص262).
من زاره كمن زار الحسين (ع)
لقد ورد في ثواب الأعمال: قَالَ الصَّادِقُ (عليه السلام) مَنْ زَارَ وَاحِداً مِنَّا، كَانَ كَمَنْ زَارَ الْحُسَيْنَ (عليه السلام). ص98
زيارته كزيارة سائر الأئمة (ع)
ورد في كامل الزيارات عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الْكَاظِمِ (عليه السلام) فَقُلْتُ لَهُ: أَيُّمَا أَفْضَلُ زِيَارَةُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ أَوْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) أَوْ لِفُلَانٍ [فُلَانٍ] وَفُلَانٍ وَسَمَّيْتُ الْأَئِمَّةَ وَاحِداً وَاحِداً، فَقَالَ لِي: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ مَنْ زَارَ أَوَّلَنَا فَقَدْ زَارَ آخِرَنَا، وَمَنْ زَارَ آخِرَنَا فَقَدْ زَارَ أَوَّلَنَا، وَمَنْ تَوَلَّى أَوَّلَنَا فَقَدْ تَوَلَّى آخِرَنَا، وَمَنْ تَوَلَّى آخِرَنَا فَقَدْ تَوَلَّنَا [تَوَلَّى] أَوَّلَنَا.. ص336
أوقات زيارته
إن زيارة الإمام محمد الباقر (سلام الله عليه) مستحبة في كل وقت، إلا أن هناك بعض الخصوصيات للأيام الشريفة التي يتأكد فيها زيارته سلام الله عليه، ومنها:
الأيام المختصة به
قال العلامة المجلسي: زيارتهم (ع) في الأوقات الشريفة والأيام المتبركة والأزمان المختصة بهم أولى وأنسب.. و يوم ولادة الباقر (ع)، وهو غرة رجب لما رواه الشيخ عن جابر الجعفي قال: ولد الباقر أبو جعفر محمد بن علي (ع) يوم الجمعة غرة رجب سنة سبع وخمسين، وقيل ثالث صفر، ويوم وفاته وهو سابع ذي الحجة، ويوم خلافته، وهو يوم وفاته أبيه (ع)[2].
يوم الثلاثاء من كل أسبوع
لقد ذكر السيد بن طاووس في جمال الأسبوع أنه يُستحب زيارة الإمام محمد بن علي الباقر (ع) في يوم الثلاثاء من كل أسبوع، معتمداً في ذلك على رواية تخصيص الأيام بأهل البيت (عليهم السلام) التي رواها الشيخ الصدوق في الخصال عن الإمام علي الهادي (عليه السلام) في حديث، حيث قال:
الْأَيَّامُ نَحْنُ، مَا قَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، فَالسَّبْتُ اسْمُ رَسُولِ اللَّهِ (ص) وَالْأَحَدُ كِنَايَةٌ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) وَالْإِثْنَيْنِ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَالثَّلَاثَاءُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَالْأَرْبِعَاءُ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُوسَى وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَنَا وَالْخَمِيسُ ابْنِيَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ وَالْجُمُعَةُ ابْنُ ابْنِي وَإِلَيْهِ تَجْتَمِعُ عِصَابَةُ الْحَقِّ وَهُوَ الَّذِي يَمْلَؤُهَا قِسْطاً وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً، فَهَذَا مَعْنَى الْأَيَّامِ، فَلَا تُعَادُوهُمْ فِي الدُّنْيَا فَيُعَادُوكُمْ فِي الْآخِرَة.. ج2، ص395
زيارته في ذي الحجة بعد الحج بل بعد كل عمرة.
فقد ورد عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (ع) قَالَ: إِذَا حَجَّ أَحَدُكُمْ فَلْيَخْتِمْ حَجَّهُ بِزِيَارَتِنَا، لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَمَامِ الْحَجِّ. (عيون أخبار الرضا، ج2، ص262).
ولعله بعد كل زيارة لمكة المكرمة، أي بعد العمرة كذلك، ويشمله ما في الكافي عَنْ سَدِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) قَالَ: ابْدَءُوا بِمَكَّةَ وَاخْتِمُوا بِنَا. ج4، ص550
أيام الجمع والفاضلة
ومن الأيام الشّريفة يوم الجمعة، وهو يوم عيد مبارك، وقد قال الشيخ الكفعمي في البلد الأمين: يُستحب زيارة النبي ﷺ وفاطمة والأئمة ۏ في كل جمعة([3])، وقال الشهيد الأول في الدروس، يتأكد استحباب زيارة المعصومين في أيام الجمعة([4]).
في النصف من رجب
ومن الأيام الشريفة يوم عقد الإمام علي ڠ على الزهراء ﮋ، قال الشيخ المفيد في مسار الشيعة – في سياق ذكر شهر رجب – وفي يوم النصف منه لخمسة أشهر من الهجرة، عقد رسول الله ﷺ لأمير المؤمنين علي ڠ على ابنته فاطمة ﮋ عقدة النكاح... ويُستحب في هذا اليوم الصيام، وزيارة المشاهد على أصحابها السلام([5]).
كيفية زيارة الإمام محمد الباقر (ع)
1 – زيارته بالزيارات الحرّة، وهي التي ينشؤها الزائر من خلال معرفته بإمامه، ويسلّم عليه بمحاسن السلام ويشهد له بما يليق به من فضل، ويتعهّد عنده بما يجب عليه التعهّد به عنده، ويتوسّل به إلى الله تعالى في قضاء حوائجه، ويتولّى أولياءه ويتبرأ من قتلته ومن ظلمه.
2 – زيارته بالزيارات المطلقة والجامعة التي يُزار بها جميع أهل البيت (عليهم السلام)، كالزيارة الجامعة الكبيرة والصغيرة، وزيارة أئمة المؤمنين، وغيرها.
3 – زيارته بزيارة أمين الله، التي ورد أنه يُزار بها في المشاهد كلها.
4 – زيارته بالزيارات المشتركة لأئمة البقيع، والتي سوف نذكرها في ختام المزار.
5 – زياراته الخاصة به، ولم يرد عن الأئمة سلام الله عليهم زيارة خاصة بالإمام محمد الباقر (ع)، أو لم نر نصّاً في ذلك، فيمكن إنشاء زيارة خاصة به كما فعل السيد بن طاووس في زيارته يوم الثلاثاء، وقد ذكر العلامة المجلسي في بحاره زيارة عن كتاب العتيق الغروي لم تُنسب إلى إمام.
الزيارة الأولى
عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ قَالَ: سُئِلَ الرِّضَا (ع) فِي إِتْيَانِ قَبْرِ أَبِي الْحَسَنِ (ع) فَقَالَ: صَلُّوا فِي الْمَسَاجِدِ حَوْلَهُ، وَيُجْزِئُ فِي الْمَوَاضِعِ كُلِّهَا أَنْ تَقُولَ:
السَّلَامُ عَلَى أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَأَصْفِيَائِهِ، السَّلَامُ عَلَى أُمَنَاءِ اللَّهِ وَأَحِبَّائِهِ، السَّلَامُ عَلَى أَنْصَارِ اللَّهِ وَخُلَفَائِهِ، السَّلَامُ عَلَى مَحَالِّ مَعْرِفَةِ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَى مَسَاكِنِ ذِكْرِ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَى مَظَاهِرِ أَمْرِ اللَّهِ وَنَهْيِهِ، السَّلَامُ عَلَى الدُّعَاةِ إِلَى اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَى الْمُسْتَقِرِّينَ فِي مَرَضَاةِ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَى الْمُخْلَصِينَ [الْمُمَحَّصِينَ] فِي طَاعَةِ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَى الَّذِينَ مَنْ وَالاهُمْ فَقَدْ وَالَى اللَّهَ، وَمَنْ عَادَاهُمْ فَقَدْ عَادَى اللَّهَ، وَمَنْ عَرَفَهُمْ فَقَدْ عَرَفَ اللَّهَ، وَمَنْ جَهِلَهُمْ فَقَدْ جَهِلَ اللَّهَ، وَمَنِ اعْتَصَمَ بِهِمْ فَقَدِ اعْتَصَمَ بِاللَّهِ، وَمَنْ تَخَلَّى مِنْهُمْ فَقَدْ تَخَلَّى مِنَ اللَّهِ،.
أُشْهِدُ اللَّهَ أَنِّي سِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَكُمْ وحَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَكُمْ، مُؤْمِنٌ بِسِرِّكُمْ وَعَلَانِيَتِكُمْ مُفَوِّضٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إِلَيْكُمْ لَعَنَ اللَّهُ عَدُوَّ آلِ مُحَمَّدٍ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَأَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ مِنْهُمْ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ.
هَذَا يُجْزِئُ مِنَ الزِّيَارَاتِ كُلِّهَا، وَتُكْثِرُ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَتُسَمِّي وَاحِداً وَاحِداً بِأَسْمَائِهِمْ وَتَبْرَأُ مِنْ أَعْدَائِهِمْ، وَتَخَيَّرْ لِنَفْسِكَ مِنَ الدُّعَاءِ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ[6].
الزيارة الثانية:
وهي الزيارة المشتركة مع أئمة البقيع، ذكرها في البحار.
عَنْ عَمْرِو بْنِ هَاشِمٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحَدِهِمْ (ع) قَالَ: إِذَا أَتَيْتَ الْقُبُورَ بِالْبَقِيعِ قُبُورَ الْأَئِمَّةِ فَقِفْ عِنْدَهُمْ وَاجْعَلِ الْقَبْرَ بَيْنَ يَدَيْكَ، ثُمَّ تَقُولُ:
السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ التَّقْوَى، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا الْحُجَجُ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا الْقُوَّامُ فِي الْبَرِيَّةِ بِالْقِسْطِ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الصَّفْوَةِ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ آلَ رَسُولِ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ النَّجْوَى، أَشْهَدُ أَنَّكُمْ قَدْ بَلَّغْتُمْ وَنَصَحْتُمْ وَصَبَرْتُمْ فِي ذَاتِ اللَّهِ وَكُذِّبْتُمْ وَأُسِيءَ إِلَيْكُمْ فَغَفَرْتُمْ.
وَأَشْهَدُ أَنَّكُمُ الْأَئِمَّةُ الرَّاشِدُونَ الْمُهْتَدُونَ، وَأَنَّ طَاعَتَكُمْ مَفْرُوضَةٌ، وَأَنَّ قَوْلَكُمُ الصِّدْقُ، وَأَنَّكُمْ دَعَوْتُمْ فَلَمْ تُجَابُوا، وَأَمَرْتُمْ فَلَمْ تُطَاعُوا، وَأَنَّكُمْ دَعَائِمُ الدِّينِ وَأَرْكَانُ الْأَرْضِ، لَنْ تَزَالُوا بِعَيْنِ اللَّهِ يَنْسَخُكُمْ مِنْ أَصْلَابِ كُلِّ مُطَهَّرٍ وَيَنْقُلُكُمْ مِنْ أَرْحَامِ الْمُطَهَّرَاتِ، لَمْ تُدَنِّسْكُمُ الْجَاهِلِيَّةُ الْجَهْلَاءُ، وَلَمْ تَشْرَكْ فِيكُمْ فِتَنُ الْأَهْوَاءِ، طِبْتُمْ وَطَابَ مَنْبِتُكُمْ، مَنَّ بِكُمْ عَلَيْنَا دَيَّانُ الدِّينِ فَجَعَلَكُمْ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ، وَجَعَلَ صَلَاتَنَا عَلَيْكُمْ رَحْمَةً لَنَا وَكَفَّارَةً لِذُنُوبِنَا، إِذِ اخْتَارَكُمُ اللَّهُ لَنَا وَطَيَّبَ خَلْقَنَا بِمَا مَنَّ عَلَيْنَا مِنْ وَلَايَتِكُمْ، وَكُنَّا عِنْدَهُ مُسَمَّيْنَ بِعِلْمِكُمْ مُعْتَرِفِينَ بِتَصْدِيقِنَا إِيَّاكُمْ.
وَهَذَا مَكَانُ مَنْ أَسْرَفَ وَأَخْطَأَ وَاسْتَكَانَ وَأَقَرَّ بِمَا جَنَى، وَرَجَا بِمَقَامِهِ الْخَلَاصَ، وَأَنْ يَسْتَنْقِذَهُ بِكُمْ مُسْتَنْقِذُ الْهَلْكَى مِنَ الرَّدَى، فَكُونُوا لِي شُفَعَاءَ، فَقَدْ وَفَدْتُ إِلَيْكُمْ إِذْ رَغِبَ عَنْكُمْ أَهْلُ الدُّنْيَا، وَاتَّخَذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً، وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا.
يَا مَنْ هُوَ قَائِمٌ لَا يَسْهُو، وَدَائِمٌ لَا يَلْهُو، وَمُحِيطٌ بِكُلِّ شَيْءٍ، لَكَ الْمَنُّ بِمَا وَفَّقْتَنِي وَعَرَّفْتَنِي أَئِمَّتِي، وَبِمَا أَقَمْتَنِي عَلَيْهِ إِذْ صَدَّ عَنْهُ عِبَادُكَ وَجَهِلُوا مَعْرِفَتَهُ وَاسْتَخَفُّوا بِحَقِّهِ وَمَالُوا إِلَى سِوَاهُ، فَكَانَتِ الْمِنَّةُ مِنْكَ عَلَيَّ مَعَ أَقْوَامٍ خَصَصْتَهُمْ بِمَا خَصَصْتَنِي بِهِ، فَلَكَ الْحَمْدُ إِذْ كُنْتُ عِنْدَكَ فِي مَقَامِي هَذَا مَذْكُوراً مَكْتُوباً، فَلَا تَحْرِمْنِي مَا رَجَوْتُ، وَلَا تُخَيِّبْنِي فِيمَا دَعَوْتُ، بِحُرْمَةِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ.
ثُمَّ ادْعُ لِنَفْسِكَ بِمَا أَحْبَبْت. (بحار الأنوار، ج97، ص: 204).
الزيارة الرابعة: وهي زيارته مع أئمة البقيع، ذكرها الكفعمي في مصباحه دون نسبة، وهي كالتالي:
تَقُولُ فِي زِيَارَةِ أَئِمَّةِ الْبَقِيعِ (ع) بَعْدَ أَنْ تَجْعَلَ الْقَبْرَ بَيْنَ يَدَيْكَ وَأَنْتَ عَلَى غُسْلٍ:
السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا خُزَّانَ عِلْمِ اللَّهِ وَحَفَظَةَ سِرِّهِ وَتَرَاجِمَةَ وَحْيِهِ، أَتَيْتُكُمْ يَا بَنِي رَسُولِ اللَّهِ عَارِفاً بِحَقِّكُمْ مُسْتَبْصِراً بِشَأْنِكُمْ مُعَادِياً لِأَعْدَائِكُمْ مُوَالِياً لِأَوْلِيَائِكُمْ، بِأَبِي أَنْتُمْ وَأُمِّي، صَلَّى اللَّهُ عَلَى أَرْوَاحِكُمْ وَأَبْدَانِكُمْ.
اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَوَلَّى آخِرَهُمْ كَمَا تَوَلَّيْتُ أَوَّلَهُمْ، وَأَبْرَأُ مِنْ كُلِّ وَلِيجَةٍ دُونَهُمْ، آمَنْتُ بِاللَّهِ وَكَفَرْتُ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى وَكُلِّ نِدٍّ يُدْعَى مِنْ دُونِ اللَّهِ.
وَتَقُولُ فِي وَدَاعِهِمْ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَئِمَّةَ الْهُدَى وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، أَسْتَوْدِعُكُمُ اللَّهَ وَأَقْرَأُ عَلَيْكُمُ السَّلَامَ، آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَبِمَا جِئْتُمْ بِهِ وَدَلَلْتُمْ عَلَيْهِ، اللَّهُمَ فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ، وَلَا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِهِمْ، وَالسَّلَامُ عَلَيْهِمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُه. (بحار الأنوار، ج97، ص: 207).
الزيارة الخامسة: وهي الصلوات المروية عن الإمام الحسن العسكري (ع).
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ سَيِّدِ الْعَابِدِينَ الَّذِي اسْتَخْلَصْتَهُ لِنَفْسِكَ وَ جَعَلْتَ مِنْهُ أَئِمَّةَ الْهُدَى الَّذِينَ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ الَّذِي اخْتَرْتَهُ لِنَفْسِكَ وَ طَهَّرْتَهُ مِنَ الرِّجْسِ وَ اصْطَفَيْتَهُ وَ جَعَلْتَهُ هَادِياً مَهْدِيّاً اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَيْهِ أَفْضَلَ مَا صَلَّيْتَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ ذُرِّيَّةِ أَنْبِيَائِكَ حَتَّى يَبْلُغَ بِهِ مَا تُقِرُّ بِهِ عَيْنَهُ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ إِنَّكَ عَزِيز حَكِيم. (مصباح المتهجد، ج1، ص403).
------------------
[1] - التهذيب78.
[2] - بحار الأنوار، ج97، ص210.
([5]) الزيارات الجامعة، عن مسار الشيعة للشيخ المفيد، ص58، وموسوعة زيارات المعصومين، ج5،ص20.
[6] - كامل الزيارات، ص315.
مقالات ذات صلة:
أحدث المقالات - من جميع الأقسام:
مقالات متفرقة:
المقالات الأكثر قراءة:
- ما معنى جوامع الكلم؟ - 2010/09/20 - قرأ 49970 مرُة
- هل في المرض أجر؟ وما صحة قولنا للمريض: أجر وعافية؟ - 2015/05/20 - قرأ 36413 مرُة
- معجم المؤلفين البحرينيين يترجم للسيد الموسوي - 2015/05/28 - قرأ 36127 مرُة
- لماذا نسجد على التربة الحسينية؟ - 2010/08/10 - قرأ 34858 مرُة
- مالذي يقصده الإمام الحسين من قوله: (لم أخرج أشراً ولا بطراً..) وهل لها انعكاس على الواقع الشخصي؟ - 2016/10/08 - قرأ 29698 مرُة
- ماهو واجبنا تجاه الامام المنتظر والاستعداد للظهور؟ - 2010/08/30 - قرأ 22021 مرُة
- ماذا تقولون في كلمة الإمام الحسين عليه السلام: خط الموت على ولد آدم.. - 2016/10/08 - قرأ 21708 مرُة
- السيرة الذاتية - 2010/08/08 - قرأ 21439 مرُة
- بحث فقهي معاصر في حق الزوجة في المعاشرة - 2011/03/30 - قرأ 20946 مرُة
- هل حديث (تفاءلوا بالخير تجدوه) وارد عن أهل البيت (ع)؟ - 2021/01/15 - قرأ 19962 مرُة