النبي محمد (ص) في دعاء فاطمة الزهراء (ع)
السيد محمود الموسوي
الدعاء كنز من كنوز أهل البيت (عليهم السلام)، وهو دائرة معارف ومنظومة فكرية متعددة في مجالاتها وتناولاتها، والدعاء في منهج أهل البيت (ع) هو طلب وتضرع إلى الله تعالى بما هو أهله، حيث يحمدون ويمجدون الله تعالى بما هو أهله، فهم الأعرف بالله تعالى،
.والأعرف بطريقة مخاطبته عز وجل، كما أن الدعاء يشمل كل تفاصيل الإنسان، وكل ما يحتاج الإنسان فيه إلى الله تعالى مستمداً منه العزم والتسديد، ولهذا اشتملت أدعية أهل البيت (ع) على مواضيع متنوعة، في الإلهيات وفي الكونيات وفي النفس ودواخلها وفي المجتمع وحركته وفي بناء الإنسان وما يرتبط بتعامله وأخلاقه وحاجياته، وفي السياسة وحركة القوى المتنوعة في المجتمع، وكذا في الرسالة ومساراتها وتحدياتها وعلاقة الإنسان بها.
ومن هنا فإن الدعاء هو وحدة عبادية كما قال تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) [غافر : 60] والإسلام يؤسس إلى النظام التربوي الإسلامي من خلال العبادات المتنوعة التي يمارسها الإنسان في ساعاته وأيامه.
أهمية دراسة أدعية أهل البيت (ع)
إذاً الدعاء رسالة تربوية معرفية مهمة، يمكننا أن نستوضح منه المعارف المتنوعة، والمطلع على الأدعية المأثورة لأهل البيت (ع) يلاحظ بوضوح تام، المعارف العالية المرتبة والمتسلسلة، وكل ذلك لصلاح الإنسان ولبيان الحقائق، فأهمية دراسة أدعية أهل البيت (ع) تنطلق من كونها أدعية بالغة الدقة في الوصول إلى المطلوب في الأسلوب وكيفية التحدث مع الرب جل وعلا، وكذا في احتوائها على المعارف المتنوعة، التي يمكن أن ننهل منها ونستفيد منها في حياتنا، بل يمكن أن نتوصل من خلال دراستها إلى حقائق معرفية في العقيدة وفي التاريخ وفي الفكر وفي السلوك وغير ذلك.
وفي دراستنا لأدعية الزهراء (ع)، وتحديداً دراسة كيفية تناول (النبي) صلى الله عليه وآله في أدعيتها، يمكنه أن يمدنا بمعطيات مهمة، تكشف أمامنا حقائق قد لا يكون التاريخ قد أنصفها فيها، بل هو كذلك، فالتاريخ الذي رعاه أعداء أهل البيت (ع) حاول أن يهمّش دورهم في الرسالة وفي بناء الإنسان والحضارة الإسلامية.
وعندما تنكشف لنا الحقائق من دراستنا للأدعية المأثورة باعتبارها روايات صادرة عن أهل البيت (ع)، فهذا يعني أنه ينبغي أن تضاف تلك الحقائق لتاريخ الزهراء (ع) وإلى تاريخها الرسالي الكبير.
وقد جاء عن النبي (ص): (الداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر). والزهراء عليها السلام، لا يمكن أن تخرم هذه القاعدة، بل هي في قمة التطبيق لكل ما جاء عن النبي (صلى الله عليه وآله) وعنهم (عليهم السلام)، فكل ما جاء في دعاء فاطمة الزهراء (ع)، سيكون له ظل في الواقع وله مجهود كان في تاريخها، سواء نقلته كتب التاريخ أم لم تنقله.
فعندما تدعوا الزهراء (ع) بأن تنتشر الرسالة لكافة الناس، فهي بلا شك لها دور في العمل على نشر الرسالة لكل الناس، وعندما تدعوا بأن يرفع الله درجات النبي (ص) في الدنيا، فهي تسعى في رفع راية إعلاء شأن النبي (ص) في الواقع. فكل دعاء منها (عليها السلام) يدل على أثر في واقعها الرسالي.
ونظرة عامة لأدعية فاطمة الزهراء (عليها السلام)، نلفت النظر للتالي:
أ/ اهتمامها بالدعاء بشكل كبير، حيث كانت تجلس على سجادتها فترات طويلة تشتغل بالدعاء، في جوف الليل وفي آناء النهار، لذلك ورد عنها العديد من الأدعية المتنوعة.
ب/ أدعية الزهراء (ع) تبيّن معرفة عميقة في الإلهيات وتفاصيل السنن في كل الحياة ونظام الحياة المبني على المعرفة الدينية، وفي قضايا التشريع والمجتمع.
د/ بعض أدعية الزهراء (ع) واردة عنها مباشرة، وبعضها قد علمها النبي (ص) إياه، وبعض بتعليم من الملائكة.
النبي (ص) في دعاء الزهراء (ع)
إننا نتناول موضوع النبي (ص) في أدعية فاطمة الزهراء (عليها السلام، باعتباره وحدة معرفية، وموضع دراسة، لعدة أسباب:
1/أن النبي (ص) يمثل النبوة وهي وحدة معرفية فيها تحدي الإيمان الجديد بالنبي الجديد.
2/ أن النبي (ص) له دور رسالي يمثل تحدي تبليغ الرسالة ونشرها.
3/ أن النبي (ص) له دعوة تمثل تحدي المعارف الجديدة، التي يتطلب تثبيتها والتعامل وفق نهجها والسير على نهجها الجديد.
فكيف تناولت فاطمة الزهراء (ع) النبي (ص) كموضوع في الدعاء؟
نورد اثني عشر نقطة هي جوانب اشتملت عليها أدعية الزهراء (ع) بشأن النبي (ص)، وهي جوانب مهمة ولها ارتباط بالرسالة بشكل مباشر، وتبين مدى ارتباط الزهراء (ع) بالنبي كنبي مرسل من الله تعالى، وتوضح الدور الرسالي الرائد للزهراء (ع) في تشييد الدين وتبليغ الرسالة وتعزيز مكانتها وإعلاء شأنها.
والآن إليك النقاط مع شاهد من أدعية الزهراء (ع) لكل موضوع منها:
1/ تثبيت النبوة
الدعوة الجديدة للنبي (ص) بحاجة إلى أفراد يحملون هذا الإيمان الجديد ويصدعون به في الآفاق، كعامل من عوامل نشر الدين وتثبيت النبوة، فكان من دعائها في ذلك:
وَأُشْهِدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَ رَسُولُكَ (ص).
2/ تثبيت الخاتمية
من أسس نبوة النبي محمد (ص) هي فكرة الخاتمية في نبوته حيث لا نبي بعده، فهو خاتم الأنبياء ورسالته خاتمة الرسالات، وقد قال تعالى: (مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً)[الأحزاب : 40]
ومن دعائها (ع) في تثبيت الخاتمية:
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَ عَلَى جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ وَ الْمُرْسَلِينَ.
3/ تثبيت الملازمة بين النبي (ص) وأهل بيته
الملازمة بين النبي (ص) وأحد من الناس، يعني أن لهذا الشخص أهمية بالغة ومحورية في الرسالة، وعندما تؤكّد سيدتنا الزهراء (ع) على الملازمة بين النبي (ص) وأهل البيت (ع) فهي تؤكد محورية أهل البيت (ع)، وتبين دعما لهذه المحورية الأبدية، ومثال على هذه الملازمة، الأدعية التالية:
وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ كَثِيرا.
في دعاء المعروف بالحريق.. الذي علمه النبي لعلي وفاطمة..
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ الْمُبَارَكِين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبِين.
4/ تثبيت دور النبي (ص) الإنقاذي للبشرية
تؤكد الزهراء (ع) في أدعيتها على دور الرسالة في إنقاذ الأمة ونجاتها، وأنها سبب الرفعة والمقام والعزّة في الدنيا والنجاة في الآخرة.
فمن دعائها (ع) في ذلك:
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ كَمَا هَدَيْتَنَا بِهِ وَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ كَمَا رَحِمْتَنَا بِهِ وَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ كَمَا عَزَّزْتَنَا بِهِ وَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ كَمَا فَضَّلْتَنَا بِهِ وَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ كَمَا شَرَّفْتَنَا بِهِ وَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ كَمَا نَصَرْتَنَا بِهِ وَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ كَمَا أَنْقَذْتَنَا بِهِ مِنْ شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ .
5/ دعم الدور الرسالي للنبي (ص)
الدعاء للنبي (ص) بأن يوفقه الله تعالى لتبليغ رسالته، يعني أنها تقف وراء تلك الرسالة وتتبنى دور التشجيع، والتشجيع له دور نفسي كبير في أداء العمل ويؤثر في انطلاقته، فكان من دعائها في ذلك:
اللَّهُمَّ بَيِّضْ وَجْهَهُ وَ أَعْلِ كَعْبَهُ وَ أَفْلِجْ حُجَّتَهُ وَ أَتْمِمْ نُورَهُ وَ ثَقِّلْ مِيزَانَهُ وَ عَظِّمْ بُرْهَانَهُ وَ افْسَحْ لَهُ حَتَّى يَرْضَى وَ بَلِّغْهُ الدَّرَجَةَ وَ الْوَسِيلَةَ مِنَ الْجَنَّةِ وَ ابْعَثْهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ الَّذِي وَعَدْتَهُ وَ اجْعَلْهُ أَفْضَلَ النَّبِيِّينَ وَ الْمُرْسَلِينَ عِنْدَكَ مَنْزِلَةً وَ وَسِيلَةً .
6/ إعلاء شأن النبي (ص) وبيان مقامه عند الله
من واجبات المؤمنين برسالة النبي (ص) أن يظهروا للناس مقامه وعلو شأنه وحضوة عند الله تعالى، وعليهم الاعتراف بأنه أفضل الخلق وأكرمهم عند الله تعالى، وكان من دعاء الزهراء (ع) في ذلك:
اللَّهُمَّ ذَا الرَّحْمَةِ الْوَاسِعَةِ وَ الصَّلَاةِ النَّافِعَةِ الرَّافِعَةِ الزَّاكِيَةِ صَلِّ عَلَى أَكْرَمِ خَلْقِكَ عَلَيْكَ وَ أَحَبِّهِمْ إِلَيْكَ وَ أَوْجَهِهِمْ لَدَيْكَ مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَ رَسُولِكَ الْمَخْصُوصِ بِفَضَائِلِ الْوَسَائِلِ أَشْرَفَ وَ أَكْرَمَ وَ أَرْفَعَ وَ أَعْظَمَ وَ أَكْمَلَ مَا صَلَّيْتَ عَلَى مُبْلِغٍ عَنْكَ وَ مُؤْتَمَنٍ عَلَى وَحْيِكَ.
ومن نماذج إعلاء شأن النبي (ص) أن جعلته (ص) مرجع كل خير، بل هو معدن الفضل الذي يكتسبه كل من انتمى إليه بصدق من أي جهة من الجهات، فالزهراء (ع) تدعوا بالرحمة لكل من ناله شرف الإتصال بالنبي (ص) من أي جهة من جهات الفضل، فكان دعاؤها:
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبِينَ وَ عَلَى أَصْحَابِهِ الْمُنْتَجَبِينَ وَ أَزْوَاجِهِ الْمُطَهَّرِينَ وَ عَلَى ذُرِّيَّةِ مُحَمَّدٍ وَ عَلَى كُلِّ نَبِيٍّ بَشَّرَ بِمُحَمَّدٍ وَ عَلَى كُلِّ نَبِيٍّ وَلَدَ مُحَمَّداً وَ عَلَى كُلِّ مَرْأَةٍ صَالِحَةٍ كَفَّلَتْ مُحَمَّداً وَ عَلَى كُلِّ مَنْ صَلَاتُكَ عَلَيْهِ رِضًا لَكَ وَ رِضًا لِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ ص صَلِّ اللَّهُمَّ عَلَيْهِمْ حَتَّى تُبَلِّغَهُمُ الرِّضَا وَ تَزِيدَهُمْ بَعْدَ الرِّضَا مِمَّا أَنْتَ أَهْلُهُ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ..
7/ الشهادة التاريخية للنبي بالإستقامة
لقد دعى الله تعالى النبي (ص) لللإستقامة في أداء دوره، بقوله: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [هود : 112]، فإن مقام الإنسان هو في مدى انطباق دعواه مع واقعه العملي، وهذا يمثل جانب صدق وجانب عصمة، وقد شهد الله تعالى لنبيه بتلك الإستقامة في شتى الميادين، مثل قوله عز وجل: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) [القلم : 4]، وقوله تعالى: (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) [النجم : 3،4] وغيرها من الآيات، وكان من دعاء الزهراء (ع) في ذلك:
(... اجْعَلْ شَرَائِفَ صَلَوَاتِكَ وَ نَوَامِيَ بَرَكَاتِكَ وَ رَوَافِهَ تَحِيَّاتِكَ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَ رَسُولِكَ وَ أَمِينِكَ عَلَى وَحْيِكَ الْقَائِمِ بِحُجَّتِكَ وَ الذَّابِّ عَنْ حَرَمِكَ وَ الصَّادِعِ بِأَمْرِكَ وَ الْمُشَيِّدِ بِآيَاتِكَ وَ الْمُوفِي لِنَذْرِكَ اللَّهُمَّ فَأَعْطِهِ بِكُلِّ فَضِيلَةٍ مِنْ فَضَائِلِهِ وَ مَنْقَبَةٍ مِنْ مَنَاقِبِهِ وَ حَالٍ مِنْ أَحْوَالِهِ وَ مَنْزِلَةٍ مِنْ مَنَازِلِهِ رَأَيْتَ مُحَمَّداً لَكَ فِيهَا نَاصِراً وَ عَلَى مَكْرُوهِ بَلَائِكَ صَابِراً وَ لِمَنْ عَادَاكَ مُعَادِياً وَ لِمَنْ وَالاكَ مُوَالِياً وَ عَنْ مَا كَرِهْتَ نَائِياً وَ إِلَى مَا أَحْبَبْتَ دَاعِياً فَضَائِلَ مِنْ جَزَائِكَ وَ خَصَائِصَ مِنْ عَطَائِكَ وَ حَبَائِكَ تُسْنِي بِهَا أَمْرَهُ وَ تُعْلِي بِهَا دَرَجَتَهُ مَعَ الْقُوَّامِ بِقِسْطِكَ وَ الذَّابِّينَ عَنْ حَرَمِكَ حَتَّى لَا يَبْقَى سَنَاءٌ وَ لَا بَهَاءٌ وَ لَا رَحْمَةٌ وَ لَا كَرَامَةٌ إِلَّا خَصَصْتَ مُحَمَّداً بِذَلِكَ وَ آتَيْتَهُ مِنْهُ الذُّرَى وَ بَلَّغْتَهُ الْمَقَامَاتِ الْعُلَى آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِين).
8/ الدعوة إلى اقتفاء أثره ونهجه.
إن دعوة القرآن هي: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً )[الأحزاب : 21]، فالنبي (ص) هو المثال الذي يجب أن يحتذى والنهج الذي ينبغي أن يقتفى أثره، والزهراء (ع) في دعائها دعت إلى التأسي برسول الله (ص)، وكان من دعائها في ذلك:
وَ اقْصُصْ بِنَا أَثَرَهُ وَ اسْقِنَا بِكَأْسِهِ وَ أَوْرِدْنَا حَوْضَهُ وَ احْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهِ وَ تَوَفَّنَا عَلَى مِلَّتِهِ وَ اسْلُكْ بِنَا سُبُلَهُ وَ اسْتَعْمِلْنَا بِسُنَّتِه.
ومن دعائها (ع)..
اللَّهُمَّ كَمَا سَدَدْتَ بِهِ الْعَمَى وَ فَتَحْتَ بِهِ الْهُدَى فَاجْعَلْ مَنَاهِجَ سُبُلِهِ لَنَا سَنَناً وَ حُجَجَ بُرْهَانِهِ لَنَا سَبَباً نَأْتَمُّ بِهِ إِلَى الْقُدُومِ عَلَيْك.
ومن دعائها (ع)
وَ أَنْ تَهَبَ لِي يَقِيناً وَ هَدْياً وَ نُوراً وَ عِلْماً وَ فَهْماً حَتَّى أُقِيمَ كِتَابَكَ وَ أُحِلَّ حَلَالَكَ وَ أُحَرِّمَ حَرَامَكَ وَ أُؤَدِّيَ فَرَائِضَكَ وَ أُقِيمَ سُنَّةَ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ ص.
9/ محورية الصلاة على النبي (ص) والدعاء له
قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب : 56]، فالصلاة على النبي (ص) وعلى آله (ع)، لها محورية مهمة في مقام النبوة والإمامة معاً، فلقد أمر الله تعالى المؤمنين أن يصلون على النبي (ص) كما أنه تعالى يصلي عليه وكذا ملائكته، وكل صلاة لها معنى ودور، فصلاة الله هي رحمته، وصلاة الملائكة هي تزكيتهم، وصلاة المؤمنين هي دعاء له (ص)، كما جاءت بذلك الروايات الشريفة، ولذا كانت الصلاة على النبي (ص) أفضل الذكر وبها يستجاب الدعاء، وبها تقضى الحوائج وتتم الأعمال، ولها البركات العظيمة في الدنيا والآخرة، وقد أكدت الزهراء (ع) في أدعيتها على الصلاة على النبي (ص) وذكرتها بعدة أساليب، تؤكد محوريتها وأهميتها:
اللَّهُمَّ وَ اجْعَلْ صَلَوَاتِكَ وَ بَرَكَاتِكَ وَ مَنَّكَ وَ مَغْفِرَتَكَ وَ رَحْمَتَكَ وَ رِضْوَانَكَ وَ فَضْلَكَ وَ سَلَامَتَكَ وَ ذِكْرَكَ وَ نُورَكَ وَ شَرَفَكَ وَ نِعْمَتَكَ وَ خِيَرَتَكَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ وَ بَارَكْتَ وَ تَرَحَّمْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَ آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ اللَّهُمَّ أَعْطِ مُحَمَّداً الْوَسِيلَةَ الْعُظْمَى وَ كَرِيمَ جَزَائِكَ فِي الْعُقْبَى حَتَّى تُشَرِّفَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَا إِلَهَ الْهُدَى.
ومن صلاتها على النبي (ص):
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ ارْحَمْ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ وَ بَارَكْتَ وَ رَحِمْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَ آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ اللَّهُمَّ أَعْطِ مُحَمَّداً الْوَسِيلَةَ وَ الْفَضْلَ وَ الْفَضِيلَةَ وَ الدَّرَجَةَ الرَّفِيعَةَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا أَمَرْتَنَا أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْهِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ بِعَدَدِ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ بِعَدَدِ كُلِّ صَلَاةٍ صَلَّيْتَ عَلَيْهِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ بِعَدَدِ كُلِّ حَرْفٍ فِي صَلَاةٍ صَلَّيْتَ عَلَيْهِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ بِعَدَدِ شَعْرِ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ بِعَدَدِ شَعْرِ مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ بِعَدَدِ نَفَسِ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ بِعَدَدِ نَفَسِ مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ بِعَدَدِ سُكُونِ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ.
ومن صلاتها على النبي (ص) الطموح العالي في عدد الصلوات إلى ما ليس فيه فجوة، كسكون من لم يصلّ عليه وحركة من صلى عليه، ومعلوم أن الناس إمام هو مصل على النبي (ص) فله حركة، وإما لم يصل عليه فهو ساكن، فهي تطلب الصلاة على النبي (ص) بعدد ذلك السكون وتلك الحركة..
صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ بِعَدَدِ سُكُونِ مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ بِعَدَدِ حَرَكَةِ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ بِعَدَدِ حَرَكَاتِهِمْ وَ صِفَاتِهِمْ وَ دَقَائِقِهِمْ وَ سَاعَاتِهِمْ وَ عَدَدِ زِنَةِ ذَرِّ مَا عَمِلُوا أَوْ لَمْ يَعْمَلُوا أَوْ كَانَ مِنْهُمْ أَوْ يَكُونُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة.
10/ التوسل بالنبي (ص)
تأكيداً وتثبيتاً لعقيدة التوسل التي قال عنها الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )[المائدة : 35]، توسلت فاطمة الزهراء (ع) بالنبي (ص) كأحد أهم الوسائل إلى الله تعالى، وذلك في دعائها:
فَأَسْأَلُكَ بِحَقِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِكَ وَ مُوسَى كَلِيمِكَ وَ عِيسَى رُوحِكَ وَ مُحَمَّدٍ صَفِيِّكَ وَ نَبِيِّكَ ص أَنْ لَا تَصْرِفَ وَجْهَكَ الْكَرِيمَ عَنِّي حَتَّى تَقْبَلَ تَوْبَتِي وَ تَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين.
11/ افتقاد النبي وبيان أثر رحيله وما جرى على أمته وعلى عترته بعد فقده
من أدعية الزهراء (ع) كان بعد وفاة النبي (ص)، وقد تناولت النبي (ص) في الأدعية هذه، بذكر ما جرى على الأمة باعتبارها أمة النبي (ص) التي أسس أركانها وشيّد حضارتها، فكان من الأشقياء من انقلب على عقبه، كما في قوله تعالى: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ) [آل عمران : 144]
ومن دعائها في ذلك:
(اللهم إليك نشكو فقد نبيك ورسولك وصفيك وارتداد أمته، ومنعهم إيانا حقنا الذي جعلته لنا في كتابك المنزل على نبيك بلسانه).
(اللهم إنهما ظلما إبنة محمد نبيك حقها، فاشدد وطأتك عليهما).
12/ التمسك بنهجه بعد وفاته وتمني الحشر معه (ص)
إن النبي (ص) كان نهجاً، فمن آمن به واتبعه، فعليه أن يستمر على النهج ويستقيم على تطبيقه، فلا تنقطع الرسالية بل هي مستمرة، فكان من دعاء فاطمة الزهراء (ع) في التمسك بنهج النبي (ص) بعد وفاته، والدعاء بالطلب أن تحشر معه، وهذا يدل على الدور الرسالي لفاطمة الزهراء (ع) بعد استشهاد النبي (ص)، وكان من دعائها:
وَ تَرْزُقُنِي بِهِ مُرَافَقَةَ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ عَبْدِكَ وَ رَسُولِكَ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ دَرَجَةً وَ أَبْلَغَهَا فَضِيلَةً وَ أَبَرَّهَا عَطِيَّةً وَ أَرْفَعَهَا نُفْسَةً مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً-
ومن مصاديق التمسك بنهجه هو السلام عليه (ص)، لأن السلام على العصوم بعد وفاته هو تواصل إيماني، يجدد العهد معه، وكان من دعاء سيدتنا فاطمة (عليها أفضل الصلاة والسلام):
ـ يارب ـ بَلِّغْ رُوحَ مُحَمَّدٍ مِنَّا التَّحِيَّةَ وَ السَّلَامَ سَلَامٌ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ سَلَامٌ عَلَيْكَ يَا أَمِينَ اللَّهِ سَلَامٌ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ فَهُوَ كَمَا وَصَفْتَهُ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ اللَّهُمَّ أَعْطِهِ أَفْضَلَ مَا سَأَلَكَ وَ أَفْضَلَ مَا سُئِلْتَ لَهُ وَ أَفْضَلَ مَا أَنْتَ مَسْئُولٌ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ آمِينَ يَا رَبَّ الْعَالَمِين.
1/5/2013م
بمناسبة مولد فاطمة الزهراء (ع)
مقالات ذات صلة:
- كيف نقرأ عظمة أم البنين (ع) - 2013/04/23
- البصائر تنشر حوارا حول المذهب القيمي في التشريع مع المرجع المدرسي، بمشاركة السيد الموسوي - 2013/04/16
- القوّة الباطنة لإعانة الذات.. قراءة تحليلية في مقولة العقل الباطن - 2013/01/13
- عرض في مجلة البصائر لكتاب: رضيع الحسين.. أصغر شهيد وأكبر شاهد - 2012/12/25
- قراءة في كتاب: الثورة الحسينية .. مصباحُ هدىً وسفينة نجاة، للسيد محمود الموسوي - 2012/12/12
أحدث المقالات - من جميع الأقسام:
مقالات متفرقة:
المقالات الأكثر قراءة:
- ما معنى جوامع الكلم؟ - 2010/09/20 - قرأ 48808 مرُة
- معجم المؤلفين البحرينيين يترجم للسيد الموسوي - 2015/05/28 - قرأ 35928 مرُة
- هل في المرض أجر؟ وما صحة قولنا للمريض: أجر وعافية؟ - 2015/05/20 - قرأ 33195 مرُة
- لماذا نسجد على التربة الحسينية؟ - 2010/08/10 - قرأ 31449 مرُة
- مالذي يقصده الإمام الحسين من قوله: (لم أخرج أشراً ولا بطراً..) وهل لها انعكاس على الواقع الشخصي؟ - 2016/10/08 - قرأ 28357 مرُة
- بحث فقهي معاصر في حق الزوجة في المعاشرة - 2011/03/30 - قرأ 20471 مرُة
- السيرة الذاتية - 2010/08/08 - قرأ 19739 مرُة
- ماهو واجبنا تجاه الامام المنتظر والاستعداد للظهور؟ - 2010/08/30 - قرأ 19593 مرُة
- ماذا تقولون في كلمة الإمام الحسين عليه السلام: خط الموت على ولد آدم.. - 2016/10/08 - قرأ 19514 مرُة
- سورة الفيل وقريش - 2010/08/11 - قرأ 15792 مرُة